«اللعيبة»

TT

فيلم «اللعيبة» قصة كوميدية سطحية وعرض جميل للقدرة الفائقة على التمثيل. لعل يسرا تقوم هنا بأهم أدوارها. لعله المخرج ساعدها على دور صعب تجرأت وقبِلت القيام به دون أن تخشى ملامة جمهورها. لكن كل ممثل آخر، من حسين فهمي المظلوم بوسامته، إلى كل كومبارس، أدوا جميعاً عرضاً مسرحياً مثيراً. أما لماذا حسين فهمي مظلوم بوسامته، فلأن في السينما العالمية قاعدة تقول: كن وسيماً ولا تحاول التمثيل!

لفتتني يسرا عن كل شيء آخر وكأنني أحضرها للمرة الأولى. لكن كان ثمة شيء أكثر طغياناً على النفس. مشاهد الفقر في مصر. وقد رأيت فقراً كثيراً. في لبنان وفي كينيا وفي الهند وفي هارلم. لكنه فقر شديد الإيلام هذا الفقر في مصر. وزادني ألماً مقال لصلاح الدين حافظ عن الفقر العميم والحاد. ثم قرأت مقالا لإبراهيم أصلان عن الذين يأكلون لحم الحمار الوحشي والثعالب في حديقة الحيوان. وعن الجزارين الذين يبيعون لحوم الكلاب والحمير الميتة.

مَن المسؤول؟ طبعا الدولة. الحكومة. سواء كانت مسؤولة أم لا، فهي مسؤولة. هذا المشهد المتفاقم، في السينما أو في الحياة، لا يليق بمصر. لكنني سوف أكرر هذه اللازمة: لا حلّ لمصر إلا بتحديد النسل. أو تنظيمه. وإلا فإن الفقر سوف يظل يتوالد كالأرانب، كما يقول إبراهيم أصلان. وسمحت لنفسي أن أكررها الآن بعد أن دعا إليها الرئيس مبارك الشهر الماضي. وقبل أن أكتب في مسألة تحديد النسل وخوفاً من أن اتهم بتثبيط عزم الأمة وفحولتها الجنسية، سألت صديقي الدكتور عائض القرني في الأمر. وكان جوابه أن الفقر عدو. والفقر المتفاقم مجموعة أعداء.

قد يخطر سؤال: لماذا يتزايد عدد السكان في الهند (والصين) وترتفع نسبة النمو والازدهار؟ لا أدري. لست خبيراً اجتماعياً ولا اقتصادياً. لكنني أتمنى أن تنضم مصر إلى نادي النمور في الدول النامية. كنا نسميها دولا نامية وهي نائمة ومتخلفة، لكنها أصبحت دولا نامية حقاً. ومتقدمة أحياناً. ومصر في حاجة إلى مشروع اجتماعي لا ينحصر في البورصة وأسواق المال والعقار. في حاجة إلى إلغاء هذا المشهد المؤلم من الحقيقة والسينما. وسوف يظل الأحياء يسكنون المدافن ما لم تزد قوة العمل وتنظم فحولية الإنتاج.