أعوذ بالله

TT

من سنن الانسان ان يتجاهل المصائب والمتاعب بتحاشي ذكرها، الانجليز يقولون بكنسها تحت السجادة. عندما كان مرض السل يفتك بالناس، اعتاد القوم على تحاشي ذكره. كنا في العراق نشير اليه بقولنا «ذاك المرض». واذا شئنا ان نفصح اكثر من ذلك قلنا: «ذاك المرض الموزين». اصيب فلان بذاك المرض، بعيد عنكم. اصبحنا في هذه الأيام نتعامل مع مرض السرطان بنفس الاسلوب. «ذاك المرض». نقول احيانا «ورم مو زين»، على اعتبار ان بعض الورم «زين» ونعمة من الله. حتى الأطباء يستعملون نفس الاسلوب. يقولون: «عندك شوية ورم موزين».

بالطبع يلجأ الناس في كل الشعوب الى تحاشي ذكر الموت من نفس المنطلق. لا يقولون «مات فلان» وإنما يقولون انتقل الى رحمة ربه.

ولكنني لاحظت مؤخرا في عالم الكتابة والصحافة اننا نلجأ الى نفس الاسلوب في التعامل مع اي شيء يمت الى النشاط الجنسي والاعضاء التناسلية. الا ترون ها انا مسبقا قد تحاشيت ذكرها؟ يظهر ان هناك شعورا عاما بأن النشاط الجنسي لا يقل عن السل او السرطان في خطره. وهو هلع يعبر في الواقع عن حقيقة موضوعية، فما اكثر ما ادى اليه عندنا من خراب البيوت ودمار المستقبل وتلف الصحة والبدن. هكذا تسمع القوم في كل البلاد العربية يستعملون شتى التعابير المجازية للاشارة اليه. الحقيقة انني لا اجد موضوعا اوحى بتعابير شعرية في منتهى البراعة كالجنس. في بريطانيا كانوا يشيرون اليه بأنه «الكلمة التي لا تذكر». او احيانا «شيء اتعس من الموت». في العراق يشيرون اليه فيقولون ان الرجل «اخذ وجهها» او «سخمها». او «هتك عرضها». ويضيفون دائما فيقولون «والعياذ بالله». تسمعهم احيانا، بل ومرارا يستميحون السامع عذرا فيقولون «حاشاكم».

إنه شيء يتطلب التعوذ منه ومن شياطينه. واعتقد ان الوقت قد حان للكتاب والصحافيين وكل من كان مسؤولا عن الرقابة ان يراعوا ذلك. فإذا ما تطلب الموضوع الاشارة الى أي فعل جنسي أن يضيفوا اليه فيقولون «ابعدنا الله عنه» ، او «نعوذ بالشيطان منه». واذا كان الكاتب يعالج موضوعا علميا يتعلق بأي جزء من الجهاز التناسلي فعليه الا ينسى اضافة كلمة «حاشاكم» او يقول «يلعنه الله. او قبح الله ذكره ، او وقانا الله من شره».

المعتاد في هذه الايام الاشارة الى الجهاز التناسلي بكلمة «العضو». وهو مقلب وقع فيه احد المرضى الاكراد. ذهب الى الطبيب يشكو من البلهارزيا وراح يشير الى ما يعاني منه فأسرف في استعمال الكلمات العامية الدارجة في وصف الجهاز. تضايق منه الدكتور فقال له «اسمع يا رجل هنا ممرضات وحريم يسمعن كلامك. تأدب شوية. لا تذكر هذه الكلمات. قال له المراجع ، ماذا اقول اذن ؟ قال له قل العضو».

شكره على نصيحته وحفظ الكلمة وراح يكلمه بها.

عاد للبيت وفتح الراديو فسمع المذيع يشير الى ما قام به من اعمال عضو من مجلس الإعمار. فتمتم قائلا ، الله اكبر! يعني من هذا خرب البلد. يعمرون البلد بالعضو!