ميسو شو.. والبرتقالة!

TT

لبنان عادت ناره تتأجج من جديد (وهل حقيقة هدأت؟)، الصراع الطائفي الدموي البغيض هو الظاهر مهما حاولت الأطراف تلطيفه، إنه المشهد العراقي ينتقل الى لبنان تدريجيا، ووسط هذا الزحام يلعب ميشال عون «لعبته» السياسية لمحاولة انتزاع أي دور له بعد أن فقد القدرة والفرصة للوصول الى حلمه وأمله برئاسة الجمهورية وذهابها لميشال سليمان. فاليوم ميشال عون هو الغطاء الشرعي والوجه المسيحي «التعددي» للمعارضة المذهبية في لبنان، فبدونه تفقد المعارضة الكثير من «حجتها» و«بعدها» الوطني وتنحدر فورا في خندق المذهب والطائفة، ولكن عون لا ينطلق من توجه سياسي عريض وأبعاد آيديولوجية لافتة، ولكن من أنانية شخصية بحته وأنا مدججة بغرور وتعال يشبه أساطير حاكم روما الشهير نيرون الذي كان يغني وروما تحترق. ميشال عون اختار لون البرتقالة لحركته السياسية، وحاول أن يكون خطا سياسيا ورسالة ونهجا ولم يتمكن من ذلك، وتنصل من كل ما كان ينادي به ذات يوم وانقلب على مبادئه، وهو حر في ذلك تماما، ولكن هذه الحرية تنتهي حين يصبح هذا النهج خرابا على البلد وتعطيلا على المسيرة التي توافق عليها الفرقاء في لقاء كان الأساس فيه كلمة شرف ووعود رجال، وما لا يعرفه ميشال عون (أو يتجاهله على أقل تقدير) هو أن الأزمة اللبنانية كانت ولا تزال أزمة تنهك وتشغل العالم العربي بشكل بات يمكن أن يوصف بأنه استفزازي جدا ولم يعد أحد عاقل يرى هذه المشاهد الهزلية لساسة لبنان دون أن يجزم بأنهم مجرد دمى يتم تحريكها لحساب الغير مهما ارتفعت شعارات الوطنية لتبرير المواقف. هذا العبث السياسي سيدخل لبنان من جديد الى نفق مظلم جديد وسنكون في انتظار دولة عربية جديدة تبادر لإنقاذ الوضع وذلك بشحن النواب والساسة الى عاصمتها، ومحاولة الحصول على الفرص لالتقاط الصور والابتسامات الصفراء والشد على الأيادي بشكل رخيص وسطحي وهزلي. كان من الممكن أن يكون ميشال عون رجلا وطنيا حقيقيا وصانعا لتاريخ جديد لبلاده بعد حقبة مضطربة، كان من الممكن أن يكون غاندي، ولكنه أصر على أن يكون كاسترو. مسيحيو لبنان مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بالخروج وإبداء الرأي القاطع في ما إذا كان ميشال عون يتحدث باسمهم حقيقة أم لا، وهل هم يتبنون نهجه المشتت والمفرق أم لا ؟ وذلك بدلا من استمرار صمتهم وخروجهم من البلاد بشكل جماعي غير مسبوق في تصويت عملي ومقلق على مستقبل البلاد ونهجه الذي يسير عليه. البرتقالة التي كانت وصفا وإلهاما لشعار عون وحركته السياسية تحولت الى فيديو كليب سخيفا ومملا ولم يعد ممكنا قبول الأعذار والتبريرات التي يسوغها العماد عون، فالبلد معطل نتاج مطالباته غير الممكنة أبدا. عون تحول الى كفيل وواجهة لمشروع سياسي لا دور له فيه سوى دور ثانوي وكومبارس، كل ذلك هو مستعد أن يقوم به في سبيل هوس شخصي أزال كل ما كان ينادي به من معان وقيم ومبادئ. لبنان بحاجة لعون، ولكن عون إلهي حقيقي ينقذها من هذه المهازل التي لا تنتهي!

[email protected]