حتى مع الأم: للصبر حدود

TT

نحن في حياتنا العادية نقول: ياه.. بعد ثلاثين سنة زواج ، بعد عشرين سنة صداقة، تحدث هذه القطيعة .. كيف؟!

ولكن لا داعي للدهشة، لأنه كلما مر الوقت تراكمت أخطاء وعيوب وسلبيات كثيرة، واحدة فوق الثانية فوق الثالثة.. حتى تصبح الخطايا والعيوب حائطاً فاصلا بين الاثنين..

وفي لحظة يرتفع الحائط ليخفي أحدهما عن الآخر، هنا فقط تصبح القطيعة طبيعية والذين لا يرون ارتفاع الحائط يوماً بعد يوم، يدهشهم ما حدث ولو كانت العلاقة أقصر لكانت الدهشة من القطيعة أكبر.. لأن العلاقات من أولها تكون قوية قادرة على سحق أي خلاف أو القضاء على كل فتور.. ثم أن الحائط الفاصل بينهما لا يزال صغيراً منخفضاً وكل واحد من الممكن أن يرى الآخر وأن يمد ذراعه ويلمسه ويعود إليه.. أو يعيده إليه.. أصدقاء.. أحباء.. مخلصين، ففي هذه المرحلة من السهل علاج كل شيء ولكن يصعب علاجه في المراحل المتأخرة أو يستحيل لماذا ؟

لأن هناك حدا أقصى لاحتمال الإنسان للألم أو للإهانة مثلا: أمك: أعز الناس إليك وعليك صفعتك قلماً ولم يركما أحد، أنا شخصياً أقبل ذلك، وقد فعلت أمي ما هو أسوأ كثيراً، ووجدت لها ألف عذر. وتمنيت من الله أن يعطيها الصحة، فأنا أحبها، والله لم يعطها لا الصحة ولا العمر. يرحمها الله، ولكن أمي أو أمك لو فعلت ذلك أمام أخوتي، مرة ومرة، ولو فعلت ذلك أمام الناس.. هنا تكون قد استنزفت رصيدها من الصبر.. وفي هذه اللحظة أنظر إليها كما لو كانت جارتنا أو كانت واحدة غريبة حشرت نفسها في حياتي.. ماذا حدث؟ ماذا جرى؟ لا شيء.. نفد صبري، انتهى احتمالي لها..وللصديق وللزوجة، ولأي أحد من الناس مهما كان عمق العلاقة وعمرها .. ثم يندهش الناس للنتيجة، وليس الحق معهم!

صحيح لا قطيعة بين ابن وأم، ولا بين أب وابن، فأنت لا تستطيع أن تقطع ذراعك لأن أصبعك دخلت في عينك.. أما العلاقات الأخرى فهي الممكنة والمؤلمة معا!