سفير سوري في بيروت!

TT

بادر الجانب السوري من عنده بالتبرع بفتح سيرة فتح سفارة له في لبنان. الحديث استبق مؤتمر الاتحاد المتوسطي الذي تبذل دمشق جهدا كبيرا من اجل ان يراها العالم فيه. فهل سنرى هذا العام سفيرا سوريا في العاصمة بيروت بعد ان اعتادت على حكام ومندوبين ساميين سوريين في لبنان؟ وهل ما نراه من رئيس جمهورية، وحكومة، واسرى، ومفاوضات مع اسرائيل، وربما اعادة شبعا، وفتح سفارة، هي مجرد حملة علاقات عامة ام انها تبدل حقيقي في السياسة السورية؟

ليس مستبعدا ان تعلن دمشق فتح سفارة لها في العاصمة بيروت، لتكمل دمشق حفلة التعاون المستمرة منذ اسابيع. ورغم قيمتها الرمزية الا انه في تصوري يضخم اللبنانيون من قيمة فتح سفارة سورية في لبنان، التي لا تقارن بتشكيل حكومة او ردع الاحزاب المسلحة او غيرها من القضايا المرتبطة بالشام.

في نظر البعض افتتاح سفارة سورية يعني تلقائيا اجهاض الادعاء التاريخي بان لبنان جزء من سورية الكبرى الذي تمحورت حوله طروحات كثيرة منذ السبعينات. ففي تلك الحقبة صدرت عن المسؤولين السوريين ادعاءات صريحة بان لبنان وسورية بلد واحد، وشعب واحد وان كانا بنظامين مختلفين. وتكررت التصريحات التي روعت اللبنانيين على مستويات مختلفة، وعززها الحضور العسكري السوري الذي تسلل عبر قوات الردع العربية وعاش ردحا عقودا يحكم لبنان.

فهل فتح سفارة يصد شهية «الضم»؟ لا، ابدا. فالسفير العراقي كان في الكويت، ونظيره السفير الكويتي في بغداد عندما احتلت قوات صدام الكويت في عام تسعين. لم يردع وجود سفارة فكرة الاحتلال، ولا وجود سفير تنصيب حاكم للكويت كاحدى محافظات العراق. الرادع من الاحتلال هو التوازن الاقليمي، وربما الدولي، وبطبيعة الحال المقاومة المحلية.

لا أتصور ان يدور في خلد السوريين اليوم فكرة ضم لبنان، لكن ايضا لا استبعد ابدا استمرار فكرة المحافظة على النفوذ السوري في لبنان. فهي مسألة محسومة في العقل السياسي السوري الذي يعتقد ان لبنان بالنسبة له يمثل استراتيجية وتفاوضية واقتصادية عظيمة ولا ينوي التخلي عنه، مهما كانت المحاذير.

السوريون يتحدثون دائما ان الخطر بالتآمر والتغيير تاريخيا يرد من لبنان، وهذا ما يجعل السيطرة على هذا البلد مسألة أمنية بالغة الخطورة. ومع ان الخطر على سورية جاءها من دول اخرى غير لبنان في التاريخ الحديث، الا ان الخطر الحقيقي قد يأتي من لبنان اليوم بسبب الهوس الواضح عند السوريين بلبنان.

لهذا، فان شروع سورية بتنظيف سمعتها في لبنان ستحقق نتائج ايجابية في كل مكان، لا عند اللبنانيين وحدهم. وما رأيناه من تسهيل لانتخاب رئيس، وربما الحكومة اليوم، ونزع دعاوى المقاومة بصفقات الأسرى، وربما لاحقا السماح باستعادة مزارع شبعا. كل هذا سيجعل الطريق امام السفير الى بيته في بيروت مفروشا بالورود.

[email protected]