دم وبسمة

TT

نكات الدكتاتورية كثيرة ولكن من أكثرها شيوعا حكاية الرجل الذي قبضوا عليه لشتم الحكومة. سمعتها من شتى المواطنين العرب عن حكوماتهم بشتى العبارات والمفردات، ولكن بنفس النغمة والنكهة. اختار منها أنظفها.

قبض شرطي على مواطن يلعلع في الأسواق صارخا: «حكومة عكاريت!» أحالوه للمحكمة فسأله القاضي كيف تجرؤ على ذلك وتشتم حكومتنا؟ أجابه الرجل قائلا: «يا حضرة القاضي، أنا لم أقل حكومتنا. يمكن كنت أقصد بها الحكومة الإيرانية أو حكومة إسرائيل أو أي حكومة أخرى». التفت القاضي إلى الشرطي وقال له: «صحيح. أنت ليش تفترض أن الرجل كان يقصد حكومتنا؟» فأجابه الشرطي:

«سيدي ماكو في الدنيا حكومة عكاريت غير حكومتنا».

وعلى هذا الغرار وردت قصة رجل آخر ألقوا القبض عليه لأنه كان يشتم ويصرخ قائلا: «ألعن أبو هالكلب الخائن، هالعميل، هالحرامي اللي ما يشبع سرقات...». جاؤوا به إلى القاضي ، فسأله «من كنت تقصد بهذه العبارات الجارحة؟»، فأجابه وقال: «أقصد هو». عاد القاضي وكرر عليه السؤال والرجل لا يجيب بغير ضمير الغائب «أقصد هو»!

عندئذ حكمت عليه المحكمة بالسجن لعشر سنوات لعدم معرفته باسم رئيس الجمهورية حفظه الله.

اعتمدت بعض الحكومات دائما على أنظمة الطوارئ ومنع التجول. وأصبح هذا ركنا من أركان الفكاهة السوداء. أصدرت حكومة عراقية أمرا بمنع التجول من الساعة الثامنة مساء حتى السابعة صباحا. رأى عريف شرطة رجلا يمشي في شارع السعدون قبل الساعة الثامنة مساء فأطلق عليه الرصاص وقتله. حققوا معه. لماذا فعل ذلك ومنع التجول لم يبدأ بعد؟ فقال «أنا أعرف بيت هذا الرجل. إنه يسكن في باب المعظم ولن يستطيع الوصول إليه قبل منع التجول»!

وإذا شئنا أن نقرأ تلك الحكاية كنكتة، فالحكاية التالية واقعة حقيقية كما سمعت. داهمت الشرطة بموجب نظام الطوارئ بيت رجل للقبض عليه، فلم يجدوه. كان في الحانة على عادة الشباب العراقيين. جلسوا في الحوش ينتظرون حتى عاد إلى البيت بعد منتصف الليل. فنزلوا به ضربا: «يا كلب ضيعت وقتنا! ليش ما ترجع لبيتك بأول الليل مثل بقية العالمين؟» تلقى ضرباتهم بصبر وجلادة وهو يردد: «متأسف يا جماعة! والله ما كنت أعرف انتو هنا تنتظروني!».

ساقوه للمحاكمة، هو أو غيره، بتهمة قول شيء في المقهى فحكموا عليه بالسجن لعشر سنوات. «سيدي أقصد بالله، هذي كانت مجرد كلمة بريئة ما قصدت بها شيء!»

رد عليه القاضي فقال: «يعني تريد كلمة غير بريئة؟ هذي عقوبتها عشرون سنة!»

ترتبط الدكتاتورية أيضا بالانتخابات الصورية ونتائجها المزيفة. ألقت الشرطة القبض على رجل تسلل إلى مركز الاقتراع ليلا وكسر قفل الصندوق. اعتذر عن فعلته وقال إنه كان يقصد فقط معرفة نتيجة انتخابات الأسبوع القادم.