الاستغلال الجنسي في بريطانيا

TT

بريطانيا التي ترفع شعار رعاية حقوق الإنسان وتتشدق بكرامة البشر يحدث فيها وبين جنباتها بيع لمراهقات مولودات في بريطانيا يسوقهن الجشعون من أجل الاستغلال الجنسي، وتؤكد التقارير الموثقة أن بعض هؤلاء الفتيات يتزوجهن كبار في السن، وهن لمَّا يبلغن بعد سن الثانية عشرة من العمر، يغدقون عليهن كميات كبيرة من الأموال والمخدرات والهدايا، وفي قضية واحدة ذكر تقرير للشرطة في إحدى مدن بريطانيا، أنه عثر على 33 فتاة قاصرة أُرغمن على ممارسة الجنس بحدود 20 مرة في الليلة الواحدة للبنت الواحدة!

هذا ما يحدث في المملكة المتحدة، وهذا التقرير المرعب أوردته صحيفة «الجارديان» البريطانية الأسبوع الماضي، وهي عينة لما يحدث عالميا حول ما يسمى بعمليات الاتجار بالبشر، التي لم تسلم منها أي دولة في العالم، وإن تفاوتت في ما بينها بين مقل ومستكثر. هذا الاتجار البشري نوع من أنواع العبودية، الذي بدأ عدد من الدول يتنبه لتأثيره وخطورته على مجتمعاته.

وإن كانت مقدمة المقال قد أشارت إلى جريمة الاستغلال الجنسي، إلا أن مدلول الاتجار بالبشر أوسع بكثير، فهذه التجارة تشمل توظيف أو انتقال أو تقديم ملاذ لبشر بغرض استغلالهم، وتتضمن عملية الاتجار استخدام القوة أو التهديد بها أو أي نوع من أنواع الإكراه، واللافت في هذا الشأن أن الدول الغربية التي تنتشر فيها الحريات، بما فيها حرية الجنس، إلا أنها تتصدر الإحصائيات العالمية في الاتجار بالبشر بداعي الممارسة الجنسية، ففي الدول الغربية تبلغ الأرباح السنوية للاتجار الجنسي بالبشر حوالي 67 بليون دولار، وهذا لا يشمل النساء اللاتي يمارسن البغاء بدون إكراه، وفي شرقنا الأوسط الرقم الإحصائي ليس مشرفا ولكنه ليس بسوء الرقم الأوروبي، حيث تبلغ الأرباح السنوية حوالي 45 بليون دولار.

والدول العربية كلها تقريبا تعاني من مشكلة الاتجار بالبشر، وإن كان بعضها يصنف في درجة أسوأ من الأخرى، لكن ليست هذه هي المشكلة فحسب، فأغلبية دول العالم النامي والنايم تعاني من نفس المصيبة، إلا أن شرقنا العربي يعشق نفي المشكلة جملة وتفصيلا، وهذا عين الخطأ، أنا أدرك أن بعض التقارير والإحصاءات الدولية لها ما يحركها سياسيا، خاصة تلك التي ترد من أمريكا، وأدرك أيضا أن التقارير الأمريكية توضع في الأدراج، ثم تشهر لحاجة في نفس أمريكا قضتها، كما فعلت حين تجاهل التقرير الأمريكي الاتجار بالبشر في العراق، فقط لأنه ما برح تحت الاحتلال الأمريكي، رغم ازدهار هذه التجارة في العهد الأمريكي الزاهر، ومع هذا وذاك فليس من اللائق أن تنفي أي دولة عربية هذه التجارة الرخيصة بالكامل، لأنه علاوة على أن الحكومات في الغالب ليس لها مصلحة في شيوع هذا الاتجار المجرم، فإن مثل هذا النفي عبارة عن تمرير رسالة لمجرمي تجارة البشر لمواصلة ابتزازهم وتعزيز جرائمهم.

ودول الخليج بالذات عليها مسؤولية أكبر في محاربة هذه التجارة المشينة، لأن الوفر المالي هو البوابة نحو هذه الصناعة المزدهرة، فالتطور الاقتصادي بسبب مبيعات النفط الهائلة والباهظة أوجد ألوف المشاريع الاقتصادية وجلب بسببها ملايين من العمال الأجانب والخدم ذكورا وإناثا يعيشون أحيانا في حالات مزرية وأعمال شاقة ورواتب ضئيلة وساعات العمل التي لا تتوقف وحرمان من الإجازة السنوية أو نهاية الأسبوع، مع ما يصاحب هذا من انتهاكات جنسية واعتداءات جسدية، ناهيك من استغلالهم وحجز جوازاتهم تحت نظام الكفالة، الذي إذا أسيئ استخدامه تحول إلى لون من ألوان العبودية والاتجار بالبشر.

[email protected]