وكان في مواجهة عمر الشريف بلا زعامة!

TT

في مقهى خمسة نجوم بحي المهندسين القاهري، جلس الزعيم عادل إمام، وبجواره الكاتب المتألق يوسف معاطي، وعدد من الأصدقاء والمعجبين، ورواد المقهى يشيرون لبعضهم بعضا إلى حيث يجلس النجم الكبير، بينما تطوع بعض عمال المقهى بمنع المتطفلين خشية إزعاج الزعيم، فالنجم في مصر غير النجم في الدول العربية، والمجتمع هنا أكثر المجتمعات تقديراً للنجومية واعتزازاً بها. ومن حق النجوم في العالم العربي أن يغبطوا النجم المصري على الحفاوة التي يجدها من أبناء مجتمعه في أي مكان يذهب إليه، فللنجومية هنا مكانها ومكانتها، وهذا انعكاس لتراث المجتمع الحضاري، ونظرته الإيجابية نحو التميز والمتميزين، وتشكل هذه الخاصية السيكولوجية الإيجابية للمجتمع أرصدة الحماية للمشاهير من التراجع السريع.

وعادل إمام الذي يتربع منذ عقود على عرش الكوميديا، بشهرة واسعة تجاوزت سابقيه ومجايليه أمثال: نجيب الريحاني، وإسماعيل ياسين، وفؤاد المهندس، ومحمد صبحي، وغيرهم من الرائعين، فهو وحده من بين كل أبناء جيله القادر على كسر احتكار النجاح الشبابي في السينما المصرية بقيادة النجوم الجدد أحمد حلمي، ومحمد سعد، وهاني رمزي، وآخرين، حتى أنني بالكاد وجدت لنفسي مقعدا بجوار الشاشة في إحدى دور السينما لمشاهدة فيلمه الجديد «حسن ومرقص» المسبوق بأكبر قدر من الدعاية والإثارة والجدل، ولكن هل عادل إمام في أفلامه الجديدة هو عادل إمام النجم في تألقاته السابقة؟!

«حسن ومرقص» فكرة نجح مبدعها يوسف معاطي في معالجة قضية مهمة من قضايا المجتمع المصري، وتلك المعالجة لا تخطئها العين على شاشة السينما، لكن الحكم على الفيلم فنياً يظل قابلا للكثير من تباين وجهات النظر، وهو في تقدير البعض يقع في خانة العمل العادي، وغير المبهر من الناحية الفنية، ففكرة الفيلم وحدها انفردت بالبطولة، أما حضور عادل إمام فاتسم بالتواضع، وكان في مواجهة عمر الشريف بلا زعامة.

الكثير من المؤشرات المستقبلية لا تصب في مصلحة عادل إمام، واستمرار ظاهرته الفنية، فنجوميته وحدها قد لا تكفل له مستقبلا إنجاحَ الأعمال الفنية التي يلعب فيها أدوار البطولة، ففيلمه السابق «مرجان أحمد مرجان» حل في لائحة الأفلام الأسوأ خلال 10 سنوات، التي وضعتها مجلة «جود نيوز سينما» الشهرية، المتخصصة في الشؤون الفنية، وإن لم يستعد عادل إمام حماسته المألوفة في انتقاء ودراسة وأداء أعماله الفنية بتميزه المعهود، فإنه سيصبح مجرد زعامة فنية من الماضي، كما حدث للكثير من الزعامات الفنية السابقة التي سادت ثم تحولت إلى مجرد ذكرى.. وأخال عادل إمام على قدر كبير من الذكاء يمنعه من التفريط في رصيده الفني الكبير، وحجم النجومية التي شكلها بموهبته وعصاميته وإبداعه.. فهل يحافظ لنا عادل إمام على زعامة عادل إمام الذي أحببناه؟

[email protected]