العين بصيرة والسلالم قصيرة!

TT

منذ أكثر من عشر سنوات والمباراة بين أمانة جدة والغربان مستمرة، فإن داهمت فرق الأمانة أعشاشها في أشجار الحدائق العامة لجأت إلى بناء أعشاشها الجديدة في حدائق القصور والقنصليات، وإذا استوردت الأمانة سلالم بارتفاع عشرة أمتار للوصول إلى الأعشاش تجاوزت الغربان ذلك الارتفاع إلى العلالي، وأصبح عمال الأمانة ينطبق عليهم القول: العين بصيرة والسلالم قصيرة..

وحسابات الأمانة للغربان في المدينة تشبه إلى حد كبير حسابات زراعة الشعر في رأس الأقرع، فإذا كان سعر زراعة الشعرة الواحدة بحسب دعاية أحد المراكز الطبية عشرة ريالات، فكيف يمكن للأقرع أن يتأكد عند الحساب من عد الشعرات المزروعة في رأسه بالتمام والكمال؟!

فالأمانة تتحدث اليوم عن برنامج لمكافحة الغربان، وتقول: إن 60 ألف غراب كانت تسرح وتمرح في المدينة، بقي منها بعد بدء تطبيق برنامج المكافحة نحو 49 ألف غراب، وتتوقع الأمانة أن تقضي خلال 8 شهور على ما بين 25 و35 ألفا، وبالتالي فإن ما سيتبقى بعد هذه المدة نحو 14 ألف غراب فقط، ومن يتشكك في أرقام الأمانة عليه أن يحسب الغربان الطائرة والمحلقة في سماء المدينة!

ويتكلف برنامج مكافحة الغربان في جدة نحو 4.5 مليون ريال ويمتد لثلاث سنوات، ولو قدر لفرق الأمانة أن تقضي على كل الغربان فهذا يعني أن القضاء على الغراب الواحد يكلف 75 ريالا، لكن الأمانة تشير إلى أنها ستبقي بضعة آلاف من الغربان للتوازن البيئي، الأمر الذي يرفع تكلفة القضاء على الغراب الواحد إلى أعلى من سعر برميل البترول في الأسواق العالمية.

ولأن المدينة تضم الكثير من الشباب العاطلين فأنا اقترح أن تتبنى الأمانة مسابقة لصيد الغربان يشارك فيها سكان المدينة، ويتم تخصيص مبلغ مائة ريال لكل صياد مكافأة عن الغراب الواحد، وبالتالي ستشهد عمليات الصيد تنوعا في الأساليب، وابتكارات في الوسائل، على أن تخصص جائزة باسم الصياد الأكبر ـ على طريقة برنامج الخاسر الأكبر ـ لمن يأتي بأكثر رؤوس من الغربان، وليكن شعار المسابقة: «غراب في اليد ولا عشرة على الشجرة».

وبدلا من اللعب مع الغربان في سماء المدينة، ليت الأمانة تقوم بإحكام السيطرة على مواقع النفايات، والمسالخ، وأسواق السمك والمواشي، فلو جاعت الغربان رحلت وتركت المدينة وملايين الأمانة في سلام.

[email protected]