من يعوضهم عن الأحلام المؤجلة ربع قرن؟!

TT

غسلت زجاج نظارتي الطبية ومسحته جيدا لأتأكد من صحة ما أقرأ، وأنا أطالع صباح أمس السبت خبرا نشرته إحدى الصحف المحلية يشير إلى أن 16 حكما ابتدائيا أصدرته المحكمة الإدارية بديوان المظالم يقضي بتعويض مواطنين نزعت أراضيهم منذ ربع قرن لصالح مطار الملك عبد العزيز بجدة، ولديهم صكوك شرعية معتبرة تثبت ملكياتهم لتلك الأراضي!!.. واللافت في الخبر أن القضية لم تنته بعد، فالجهة المدعى عليها ـ هيئة الطيران المدني ـ اعترضت على جميع هذه الأحكام، وقررت رفع لائحة استئناف أمام محكمة الاستئناف الإداري «هيئة التدقيق»، ولست أدري كم من الزمن ستتطلبه عملية الاستئناف، والذي سيضاف إلى ربع القرن!

فهل يعقل أن ينتظر صاحب حق أكثر من 25 سنة ليحصل على حقه؟! وكم من أصحاب هذه الحقوق قد غادروا هذه الدنيا خلال هذه المدة وفي النفوس الكثير من الحسرة؟! وكم من بين أصحاب هذه الأراضي المتنازع عليها أرامل وأيتام وفقراء لا يعلم إلا الله وحده كيف جمعوا قيمة هذه الأراضي التي تملكوها قبل أن تنزع منهم؟!.. فإذا كان مطار الملك عبد العزيز، وهو المشروع الذي نزعت هذه الأراضي من أجله قد هرم وشاب ودخل مرحلة إعادة التأهيل، فما أعظم صبر أصحاب الحقوق الذين احتفظوا بالأمل في التعويض كل هذه السنوات..

لا أريد أن أدخل القارئ في تفاصيل الخبر الطويل، كما لا أريد أن أقف بهم عند تعليق الدكتور عمر الخولي أستاذ القانون بجامعة الملك عبد العزيز بأن الحكم يقضي بمنح تعويض عادل لكل مالك أرض يقدر بحسب القيمة السوقية لها وقت دفع المقابل وليس وقت وضع اليد عليها من قبل المدعى عليها، فما أردت الوقوف عنده مستفسرا في هذا المقال يتمثل في معرفة السبب الذي جعل هذه المسألة تستغرق كل هذا الزمن الطويل الذي امتد لربع قرن للوصول إلى مرحلة الأحكام الابتدائية التي صدرت أخيرا، فحتى لو عوض أصحاب الأراضي المنزوعة قبل ربع قرن بحسب القيمة السوقية لها في الوقت الحالي، فمن سيعوض أولئك الأفراد عن أحلامهم المؤجلة ربع قرن؟! من سيعوضهم عناء الصبر، وقلق الانتظار؟!