سرير لله يا محسنين !

TT

لست أدري كم يمكن أن يكون نصيب الفرد السعودي لو قسمت ميزانية وزارة الصحة على عدد أفراد المجتمع بالتساوي، فإن كان نصيب الفرد يكفي للحصول على بطاقة تأمين صحي للعلاج في المستشفيات الخاصة، فمن المصلحة أن تستريح هذه الوزارة وأن تريح الآخرين أيضا، فقصص المعاناة التي يعيشها المواطن مع مستشفيات الوزارة لم تعد قابلة للاحتمال.. فليس من السهل تصور مريض بالفشل الكلوي يفرض عليه الانتظار عدة شهور لكي تتم الموافقة على إجرائه عمليات الغسل، ومثله مريض القلب، فكيف لمثل هذه الحالات العاجلة أن تحتمل التأخير؟! ومن أحدث قصص المعاناة ما تعرض له زوجان سعوديان ـ قبل أيام ـ في العاصمة الرياض من فقد جنينهما بسبب رفض اثنين من المستشفيات الحكومية استقبال الزوجة الحامل، رغم حالتها الحرجة بسبب تعقيد الإجراءات الإدارية ـ بحسب ما نشرته صحيفة الاقتصادية ـ فمستشفى الشميسي بالعاصمة الرياض رفض استقبال الزوجة الحامل بحجة أنها محولة من مستوصف أهلي، كما اعتذر مستشفى آخر لعدم وجود سرير شاغر، وأثناء «اللف» و«الدوران» من مستشفى لآخر فقدت الحامل جنينها!

إن الكثير من شرائح المجتمع لا تستطيع أن تتحمل تكاليف المستشفيات الخاصة، ولذا فإن المنازعات بين هذه المستشفيات الخاصة والمرضى حدث يتكرر يوميا بسبب عجز اللائذين بتلك المستشفيات عن السداد، فهم يأتون إليها تحت ضغط حالاتهم الطارئة، وبعد أن تغلق المستشفيات العامة أبوابها في وجوههم بحجة عدم وجود أسرة شاغرة، وبالتالي ماذا يمكن أن يفعل أصحاب هذه الحالات الطارئة غير اللجوء إلى المتاح من المستشفيات الخاصة، وليحدث بعد ذلك ما يحدث من منازعات، ولو كان أي منا في مكانهم لفعل ما فعلوا ويفعلون.

أشياء كثيرة هامة في حياة الإنسان قابلة للانتظار، إذ يمكنك التعايش بشق الأنفس مع مطبات الشوارع، واختناقات المدن، وأزمات المجاري، وغلاء المعيشة، وارتفاع أجور السكن، وغيرها، إلا المرض فليس له رصيف انتظار، ولو حولت جل اعتمادات المشروعات المختلفة في إحدى الميزانيات إلى وزارة الصحة لتحسين أوضاع مستشفياتها والارتقاء بصحة المواطن في مختلف المناطق، لتفهم الناس الغاية وتحمسوا لها، فالصحة تمثل الهاجس لكل من يمكن أن يئن من المرض فلا يجد له سريرا شاغرا لكي يشفى أو يموت.. فهل على المريض المعدم الذي لا يجد له مكانا في مستشفياتنا العامة أن ينادي:

ـ سرير لله يا محسنين!

[email protected]