ابقوا السوريين فوق السطح

TT

برع الدبلوماسيون السوريون مؤخرا في تقديم تصريحات لافتة للنظر، ليس بوسع المعلق تجاهلها، وعدم الاقتباس منها، وتجعل من هو مثلي غير قادر على الاستمتاع بإجازته. ويبدو أن المفاوض السوري بات يستفيد من أسلوب الدبلوماسيين الإسرائيليين في اجادة اطلاق التصريحات اللافتة.

آخر تلك التصريحات ما قاله رئيس الوفد السوري الدكتور سمير تقي، الذي توجه إلى واشنطن بحجة الوصول لقراءة افضل للرأي الأميركي، ولإيصال تصور وتفكير دمشق تجاه المنطقة للأميركيين في عشرة أيام!

يقول تقي عن مفاوضات بلاده مع إسرائيل، إن سورية لا تستطيع تجاهل الوجود الإسرائيلي لأنه «إذا صعد إلى سطح العمارة التي بها مكتبه، يستطيع رؤية القوات الإسرائيلية». ولا أعلم كيف، ومتى، تحسن نظر الدكتور؟

لكن هناك نقاطا تستحق التوقف عندها في حديث تقي أمام معهد بروكينز، وأبرزها وصف أعضاء الوفد السوري لأنفسهم بأنهم باحثون مستقلون، لا علاقة لهم بنظام دمشق. فإذا كان بإمكان المستقلين في سورية التحرك هكذا، فلماذا تسجن سورية بعضا من أصحاب بيان إعلان بيروت ـ دمشق؟

أما حديث تقي عن أن التحالف السوري ـ الإيراني جاء في سياق ظروف إقليمية «دفعت سورية للتحالف مع إيران، وإنه ليس تحالفا عسكريا، لكنه لخدمة مصالح سورية، وذلك لأن مصر صارت مهتمة بشؤونها الداخلية، واهتمت السعودية والأردن بالمشاكل التي تشغلهما»، فهو حديث سطحي.

فالتحالف السوري ـ الايراني أقدم من الظروف الراهنة في المنطقة، بل من أيام الراحل حافظ الأسد، كما أن التعاون بين طهران ودمشق خلف لنا استقواء ميليشيات عسكرية على غرار حزب الله الإيراني، وحماس التي تبيع لمن يشتري!

أما القول إن مصر والسعودية والأردن مشغولون بظروفهم الداخلية، فتلك مماحكة سورية جديدة، وتشاطر، لكن يجب ألا يمر مرور الكرام. فمن أجل مصلحة دمشق والمنطقة فلابد ألا ينزل السوريون من فوق السطح، ولكي لا يعودوا إلى الأعمال التي تمس أمننا، وأبرزها التحالف مع المطامع الإيرانية في المنطقة.

في لبنان والعراق وواشنطن، مصالح للسوريين يترتب عليها الكثير، فلابد من عدم التساهل فيها. وهذا ليس تحريضا، فمن المصلحة أن يعقل السوريون، لكن من دون مكافأة على الطريقة الفرنسية غير الناضجة، نتيجة وساطة عربية قاصرة.

مهم أن يعي السوريون أنهم ليسوا في نزهة، وليس بوسعهم شراء الوقت. طالما أن دمشق تحاول اظهار نفسها على أنها قد غيرت اتجاهها، فلابد أن تعي أنها الآن تسلك طريقا سريعا لا يمكن السير فيه وفق السرعة التي ترغبها.

على السوريين التقيد بالسرعة النظامية، فالقيادة ببطء تعني أن شاحنة كبيرة قد تصدمهم، كما أن التهور قد يقود إلى الحصول على مخالفة.

وهذا دور كل من السعودية، ومصر، والأردن، وأول تلك الخطوات تنسيق عربي واضح وصريح، لكي لا يعبث البعض في عملية تعقيل السوريين. تعقل دمشق من مصلحتنا، أما عبثها فهو خطر على أمننا العربي. ولذا يجب أن يبقى السوريون فوق السطح.

[email protected]