التعرف عليك

TT

الحكمة المألوفة في هذا السباق الرئاسي غير المألوف هي أن الناخبين عليهم أن يتعرفوا على باراك أوباما بشكل أفضل، وهذا ما تناولته رحلة أوباما الخارجية هذا الأسبوع: تقديم السيناتور كقائد أعلى للقوات المسلحة وقائد السياسة الخارجية الأميركية المحتمل.

ومن منطلق هذا الأسلوب في التفكير، يرى الناخبون المزيد من أوباما ويشعرون تجاهه بارتياح أكبر (مع افتراض عدم الوقوع في أخطاء كبرى طوال الطريق)، وهكذا تتعزز فرص أوباما في الفوز بالانتخابات.

ربما يكون هذا صحيحا، ولكن ماذا عن المرشح الآخر؟ كم ناخب يعرف عن ماكين بالفعل؟

لقد تخطى ماكين خطا لم يكن له أن يتجاوزه، عندما قال إن أوباما «قد يخسر حربا من أجل الفوز بحملة سياسية»، وكان هذا تعليقا سيئا، مشابها لوصف أوباما بالخائن، ويجب على ماكين أن يقدم اعتذارا عنه.

ولكن ما تعلمناه على مدى الأعوام هو أن ماكين واحد من الأشخاص الذين لا يجدون أنه من الواجب عليهم دفع ثمن عثراتهم وأخطائهم وسلوكهم السيئ. هل يمكن أن تتخيل حجم الغضب والنقد الذي كان سيصب على أوباما لو كان قد ارتكب هذا النوع من الأخطاء الفعلية التي كررها جون ماكين في حملته؟

(أو لو كان أوباما تهور وأشار من بعيد إلى أن جون ماكين قد يخون بلاده من أجل أسباب سياسية).

لدينا معيار مزدوج كبير هنا. فقد وقع ماكين في مأزق في تعليقاته العلنية التي لم يميز فيها السنة من الشيعة، وكان من الواجب أن يصوب له صديقه جو ليبرمان هذا الخطأ في لحظة مربكة. وأشار أيضا إلى حدود عراقية باكستانية، بينما لا توجد حدود مشتركة بين البلدين.

وأعلن في قناة (سي بي إس) أن حرب العراق هي أول حرب كبرى بعد أحداث 11/9، ويبدو أنه نسي، على الأقل في تلك اللحظة، الحرب في أفغانستان. وفي نفس اللقاء، نسب الفضل في حملات صحوة الأنبار، التي تصدى فيها الآلاف من السنة للمتمردين، إلى إرسال المزيد من القوات الأميركية إلى العراق، ولكنه كان مخطئا، فقد كانت حملات الصحوة سابقة لإرسال المزيد من القوات.

الأكثر أهمية من هذه الزلات التي لا تنتهي أمور تعطي لنا فكرة عن التكوين الأساسي لهذا الرجل، لقد كان جنديا مشهورا في شبابه، لذا فهو يؤمن بأنه من الممكن (بل ويجب) الفوز في الحرب في العراق. وكما كتبت المؤلفة إليزابيث درو: «يبدو أنه لا يفكر جديا في التكاليف الهائلة للحرب: ماديا وشخصيا ودبلوماسيا وسمعة الولايات المتحدة حول العالم».

وكان يشعر أيضا بأنه كان من الممكن، ومن الواجب، الفوز في حرب فيتنام. قال ماكين عام 2003: «لقد خسرنا في فيتنام، لأننا فقدنا الرغبة في القتال، ولأننا لم نفهم طبيعة الحرب التي كنا نخوضها، ولأننا حصرنا الوسائل التي كانت تحت تصرفنا».

وقد ظهرت روح المحارب في واقعة مشهورة غنى فيها ماكين، بلا مبالاة كقائد طائرة قصف قديم، «فلنقصف إيران» على إيقاع أغنية باربارا آن التي غناها بيتش بويز.

هذا ليس مهما. فجون مازال جون.

ولكن نحن بالفعل واقعون في مستنقع حربين. ويرشح جون نفسه للرئاسة. وليس من الجنون أن يثير هذا التعجب.

جزء من شخصية ماكين، ويبدو أنه الجزء الأكبر وفقا لما ذكره ملاحظون قريبون منه، هو مزاجه الغريب. وقد أصبح هذا الطبع محور اهتمام في واشنطن، وبالنسبة للبعض أصبح مصدرا للقلق. فمن الممكن أن يصبح ماكين بغيضا. (فقد ألقى ذات مرة مزحة قاسية للغاية عن تشيلسي كلينتون، ولا يمكن تكرارها لقسوتها). إذا بدت عثرات ماكين لا نهاية لها، فكذلك القصص التي تحكي عن غضبه واندفاعاته التي تحمل طابعا مسيئا. قال السناتور الجمهوري ثاد كوشران (ولاية المسيسبي) عن ماكين: «إن التفكير في أنه سيصبح رئيسا يصيبني بالقشعريرة».

وصرح السناتور الجمهوري بيتي دومينيك (نيومكسيكو) للنيوزويك عام 2000: «لقد قررت أن أبعد هذا الرجل عن أي مكان فيه زناد».

وقد وافق كلا العضوين على ترشيح ماكين الرئاسي، ولكن جاءت تعليقاتهم الأولى جزءا من مخاوف أكبر حول الطريقة التي يتعامل فيها ماكين مع الأشخاص الذين لا يتفق معهم، وحول أسلوبه العدائي: «إذا لم تكن معي فاتركني».

لقد اعترف ماكين في مناسبات متعددة أنه سريع الغضب، كما أنه كان يلقي النكات على هذا الأمر. وقد أخبر لاري كينغ عام 2006: «لم يساعدني غضبي في الحملة...فالناس لا تحب المرشحين الغاضبين».

أرجح أن معظم الناخبين لا يرون جون ماكين مرشحا غاضبا، على الرغم من هفواته العلنية العديدة. فجون ماكين الخيالي بطل حرب دمث الخلق، وصريح، ومحافظ معتدل، ولديه خبرة في السياسة الخارجية. لذا فباراك أوباما ليس المرشح الوحيد الذي يحتاج الناخبون إلى معرفة المزيد عنه.

* خدمة نيويورك تايمز