المكتبات الرقمية العربية وحوار الأديان .. ضرورة

TT

المؤتمر العالمي للحوار الذي عقد أخيراً في العاصمة الإسبانية مدريد، والذي نظمته رابطة العالم الإسلامي برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أكد هذا المؤتمر المهم ضرورة نقل وتطوير آلية الحوار من جانبها النظري الى التطبيق على أرض الواقع.

ومن بين الآليات المهمة لتفعيل الحوار بين الأديان استخدام أساليب التكنولوجيا الحديثة وبخاصة الرقمية منها، مثل المكتبات الرقمية، التي تعد ضرورة مهمة لعالمنا العربي وبخاصة مع التوجهات العالمية نحو التحول نحو المكتبات الرقمية.

ومفهوم المكتبات الرقمية يعني مجموعة من المصادر الإلكترونية والأدوات الفنية الخاصة بانتاج المعلومات والبحث عنها واستخدامها، بهدف تسهيل حصول الفرد على المعلومات عن جميع جوانب المعرفة في أي مكان في العالم. فالمكتبة الرقمية تعني بناء قاعدة بيانات عن محتويات المكتبة وتحويلها الى صور رقمية، وكذلك تعني الأدوات التقنية والإدارية الضرورية للتعامل مع هذه المحتويات الرقمية، وهو ما يعرف بإدارة المعلومات، أي أن المكتبات الرقمية امتداد ودعم لنظم خزن واسترجاع المعلومات.

وحالياً تتزعم «مكتبة الكونغرس» بالتعاون مع «منظمة اليونيسكو» وغيرها من المكتبات والمؤسسات الثقافية حول العالم، مبادرة لإنشاء مكتبة رقمية عالمية تتيح على الإنترنت بدون مقابل وبلغات متعددة مواد أساسية مهمة عن مختلف الثقافات حول العالم، والتي سيتم افتتاحها في أوائل عام 2009.

ونشيد هنا بالخطوة العملاقة التي أعلن عنها في شهر أبريل الماضي بتأسيس شراكة المكتبة الرقمية العالمية بين كل من «جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية» و«مكتبة الكونغرس»، لتوثيق تاريخ العلوم عند العرب والمسلمين رقمياً، والذي يعد محوراً أساسياً في المكتبة الرقمية العالمية، بهدف تعزيز مكانة تاريخ العلوم الإسلامية العريقة وجعل هذه العلوم متوفرة للعامة على مستوى العالم، وكذلك استعادة العصر الذهبي العربي والإسلامي للعلوم والتقنية.

ويعد إنشاء مكتبات رقمية عربية، وبلغات متعددة، ضرورة مهمة الآن كأحد الأساليب المهمة لتفعيل الحوار بين الأديان، فمن خلالها يمكن إعداد محتويات رقمية متميزة عن الأديان السماوية ورسالتها ونشر ثقافة التسامح لتحقيق التفاهم والتعاون والتواصل العالمي والتعايش السلمي بين الأديان والثقافات والحضارات والتعرف على الآخر ، وإبراز سماحة ديننا الإسلامي الحنيف وتصحيح الفهم الخاطئ السائد لدى غير المسلمين تجاه الإسلام والمسلمين، وبخاصة أن مكتباتنا العربية مليئة بكنوز التراث العربي الإسلامي المجيد من كتب ومخطوطات نادرة ومهمة، تتناول العديد من الصور المشرقة لسماحة الإسلام والمسلمين، وفقه وأحكام وكيفية التعامل مع غير المسلمين، ومن المهم أيضاً أن تتيح المكتبات الرقمية ـ مجاناً وبلغات متعددة ـ لجميع الأفراد فرصة الإطلاع على نصوص مؤتمرات وندوات الحوار التي عقدت والتي سوف تعقد، لما لها من فائدة في تعزيز الحوار بين الأديان. مطلوب الآن من خلال مشاريع المكتبات الرقمية العربية أن ننتقي من مكتباتنا العربية ونترجم للغات متعددة الكتب والأبحاث المهمة التي تساعد في تفعيل وتعزيز آلية الحوار بين الأديان، مع توفيرها بالمجان لعامة الأفراد في أي مكان في العالم.

خلاصة القول إن هناك ضرورة مهمة الآن لإنشاء مكتبات رقمية عربية بالتعاون بين دور النشر العربية وشركات التقنية، مع ضرورة الإلمام جيداً بكيفية ومعايير ومواصفات بناء المكتبات الرقمية، التي يجب أن يكون من ضمن أهدافها المهمة نشر الدعوة الإسلامية وتعزيز وتفعيل الحوار بين الأديان الذي أصبح ضرورة مهمة تتطلبها الأحداث العالمية الراهنة التي تهدد البشرية.

* كاتبة وباحثة مصرية

في الشؤون العلمية