المثل الأعلى: ملك فيلسوف!

TT

كل الحكام حاولوا أن يحترموا العلماء والمفكرين. ولكن بعض الحكام يكون لهم عظيم الاحتقار، لسبب بسيط: إنهم محتاجون إلى من ينقل أفكارهم ويعبر عنها. ولذلك لا يوجد حاكم ليس له من يكتب خطبه وينقل أفكاره إلى الناس. ولذلك يتمنى لو استغنى عنهم.. وفي الغالب لا يستطيع؛ فالإسكندر الأكبر كان له الفيلسوف العظيم أرسطو.. وهتلر كان له الفيلسوف روزنبرج.. وموسولينى كان له الشاعر وانتسيو. وكان يقال إن ديجول كان له الفيلسوف مارلو. ولكن عرفنا فيما بعد أن ديجول أديب ومن الصعب أن تختار فرنسا حاكما من ليس أديبا ولا فيلسوفا.

وكل ملك يريد أن يكون فيلسوفا أي قادرا على التعبير عن أفكاره. وكل فيلسوف يريد أن يكون ملكا أي قادرا على تنفيذ أفكاره.. ولذلك فإن الفيلسوف العظيم أفلاطون عندما اختار دولته المثالية جعل على رأسها الفيلسوف الملك!

ولم يعرف التاريخ ملكا كان يرعى الأدباء والمفكرين والفنانين ويبحث عنهم مثل ملك فرنسا لويس الرابع (1648 ـ 1715).. كان يسأل عنهم ويبعث إليهم ويلتقي بهم في كل ساعات الليل والنهار. وقد سمع عن أديب أنه ينام النهار ويصحو الليل. وكان ينتظره حتى يصحو. ثم يبعث في طلبه. وفوجئ بأحد الأدباء وقد جاء بفراشه معه.. وسأله ما هذا؟ قال: جلالتك طلبتني وأنا أحاول أن أنام .. فسأله الملك: إذن ماذا تريد الآن؟ قال: أن أنام..

فأشار إليه أن ينام وأن يظل جالسا إلى جواره حتى صحا من النوم. وقال له إنه يريد أن يساعده..

وطلب الملك إلى وزرائه إحصاء عدد الأدباء في فرنسا فوجدهم 45. وعدد الأدباء الأجانب كان 54. وأمر لهم بصرف مرتبات شهرية. ثم قال لهم: لا أريد منكم إلا أن تكتبوا ما يعجبكم وعلى هواكم. ولكن، عندي أمل وحيد أن تساعدوني على فهم ما نحن فيه وكيف يمكن إصلاح عيوبنا، ولا تنسوا في نفس الوقت أنني ساعدتكم بفلوس فرنسا.. أي لا تنسوني ولا تنسوا فرنسا!

أي أنه في حاجة إلى تمجيد.. وإلى الإشادة بفضله عليهم. ومعه حق!