من قتل سوزان تميم؟

TT

منذ اكتشاف مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم في شقتها الفاخرة بمدينة دبي نهاية الشهر الماضي، وأخبارها تتصدر الكثير من الصحف والمجلات ومنتديات الإنترنت بحثا عن القاتل، وقد تناثرت الاتهامات وتبعثرت لفترة قبل أن تنحصر أخيرا في دائرة ضيقة.. لم أكن قد سمعت بهذه الفنانة من قبل، فكثرة أعداد الفنانات هذه الأيام تجعل من المستحيل متابعتهن، خاصة لمستمع مثلي قد توقفت ذائقته الفنية عند زمن الكبار أمثال: محمد عبد الوهاب، عبد الحليم حافظ، فريد الأطرش، فيروز، طلال مداح، ومحمد عبده، ولكن حادث مقتلها بهذه الوحشية جعلني أتابع ما يكتب عنها من أخبار..

وبصرف النظر عمن سيكون القاتل فإن سيرة الفنانة سوزان تميم تشير إلى أنها مشروع ضحية، فهي في مهب العواصف والأعاصير منذ الطفولة: في الخامسة من عمرها تهدم البيت التي كانت تلوذ بأمانه، وانفصل الأبوان عن بعضهما، وتقاسما إرث الحياة الزوجية فكانت سوزان من حصة الأب، وتولت جدتها ـ كما تقول الأخبار ـ تربيتها ضمن أجواء متشددة في كنف منزل متواضع يفتقر إلى حنان الأمومة، وانتقلت ككرة مرتدة بعد ذلك إلى الفريق الآخر المتمثل في الأم.. في بداية حياتها الجامعية جاء إلى جامعتها رجل يحاضر عن مكافحة إدمان المخدرات فتعلقت به وتزوجته سريعا بحثا عن ملاذ نفسي ينهي رحلة الشتات، وفي الحادية والعشرين من عمرها دخلت عالم الفن، وفي بدايات الطريق في هذا العالم قد يصاب الإنسان بالدوار، وقد تنقلب حياته رأسا على عقب، فخرجت هذه الفنانة من قمقم الحياة البسيطة المتواضعة إلى عالم الشهرة والأضواء، وانتقلت من لبنان إلى باريس، ومن زوجها الأول إلى آخر، وظلت الحظوظ العواثر تلاحقها، فلم تحقق سعادتها كزوجة، ولا حلمها في أن تكون في واجهة فاترينات الغناء، فقادتها سلسلة إحباطات عمرها بعد ذلك إلى عدد من العواصم والأماكن والعلاقات قبل أن تلقي مرساة سفينة عمرها في مدينة دبي لتكون لها آخر ساحل وميناء.

حياة بهذه التقلبات الحادة، والفواجع المتلاحقة، والأحداث المربكة، قد تفقد صاحبتها القدرة على استشعار الخطر، ولو أضفنا إلى كل ذلك لعنة الجمال أحيانا في غياب الحماية، فالجميلة في الغالب لها محبون ولكن يندر أن يكون لها أصدقاء، ومن الصعب على الكثير من الجميلات إدارة مثل هذه الأزمة، والتعامل مع هذه الإشكالية، وصد هجمات الحب الاقتحامي، خاصة أن من الحب ما قتل.

وعودة إلى سؤال العنوان: من قتل سوزان؟ وللإجابة يمكن القول: ليس القاتل الذي طعنها بسكين الغدر هو الذي قتل سوزان وحده، وإنما شارك في القتل: الجمال، ودوار الفن، وربكة الأحداث المتلاحقة.

[email protected]