هو كان آخرهم

TT

عندما توفيت سعاد حسني، ساحرة الشاشة ما بين فاتن ويسرا، كتبت في هذه الزاوية، بكل صدق وعفوية وسذاجة، أنها آخر الشاميات في مصر. وكان في اعتقادي أنني أثبت واقعاً وتاريخاً. فبعد أسمهان التي لا بعد بعدها، وبعد نور الهدى، وبعد فريد الأطرش ونجيب الريحاني (العراقي)، وأنور وجدي، لم يعد من بلاد الشام أحد، خصوصاً أن عمر الشريف شرّق وغرّب وعولم. وجاء الرد عليّ من «روز اليوسف» في إدارتها السابقة. وخلاصته أنني عدو لمصر وهلفوت وكذاب. والدليل؟، لا دليل طبعاً، لأن سعاد حسني كانت آخر شامية على كرسي الشاشة المصرية. ثم كتبت مرة، وبكل صدق وسذاجة وعفوية، أتساءل: ماذا حدث للرحم المصري العظيم، أين أم كلثوم، وأين طه حسين، وأين محمد عبد الوهاب، وأين نجيب الريحاني وعادل خيري ونجيب محفوظ وفاتن والقصبجي والسنباطي والحفناوي ومحمد حقي وإلى آخرو إلى آخرو؟!.. وردّ عليّ رئيس تحرير «الأهرام» السابق وعميد اتحادات الصحافات العربية الدائم إبراهيم نافع بمقال خاص جداً على الصفحة الأولى من «الأهرام» ملقباً المحبِّر بكاتب الغرائب والطرائف، ومعتبراً أن الكلام عن رحم مصر الذهبي هو جزء من مؤامرة تديرها شركات الإعلان اللبنانية لتجريد «الأهرام» من المليارات التي تشكل دخلها السنوي.

في 26 يوليو (تموز)، زاوية «تحقيق السبت»، روى الزميل عزت السعدني في «الأهرام» أن وفداً من طلاب وطالبات جامعات مصر قام بزيارة الجريدة. وقال إن الوفد طرح سؤالا واحدا: ما الذي جرى لمصر، هل أجدبت وجفّ نهرها العظيم؟!.. «هل توقفت الأمهات عن إنجاب المبدعين العظام في كل الفنون؟ الأدب والشعر والرواية والفنون؟ هل انطفأت شمس الإبداع المصرية ورحل المبدعون؟ هل انتهى العمر الافتراضي لعصر التنوير المصري؟ أين نحن الآن من عمالقة الإبداع الأدبي الفذ بأقلام نجيب محفوظ وطه حسين وتوفيق الحكيم وإبراهيم المازني ويوسف السباعي ومحمود تيمور؟ أين شوقي وحافظ وناجي؟ أين زكي رستم وشكري سرحان وفاتن وماجدة وسعاد حسني؟ أين الريحاني وعبد السلام النابلسي؟ أين يوسف وهبي وسميحة أيوب؟».

الذين طرحوا السؤال ليسوا من جيلي ولا من جيل عزت السعدني. من جيل سنة التخرج في مصر هذا العام. وفي أي حال أنا مدين باعتذار للإدارة السابقة في «روز اليوسف» وأسلوب الكتابة بالبنط العريض عندما لا يكون لديك شيء تقوله. صحيح لم تكن سعاد حسني آخر الشوام. آخرهم يوسف شاهين. كلاكيت.