قنبلة وصاروخ وقمر ووعيد!

TT

لإدراك القيادة الإيرانية استحالة مواكبة التطورات التكنولوجية في مجال الطيران، صممت استراتيجية العسكرة على بناء قوة هجومية تعتمد على صواريخ بعيدة المدى محملة برؤوس نووية. ومن معضلات صواريخها (العمياء) غياب القدرة على التحكم بعد الإطلاق، وقصر المدى تجاه المواقع المستهدفة البعيدة، وعدم توافر المعلومات التفصيلية عن الأهداف، فما تقدمه شبكة الانترنت لا يكفي لتحليل الهدف وتحديد النقاط المهمة. وكلما زيد المدى صغُر الرأس الحربي، فيصبح السلاح الأكثر تعويلاً لديها عديم الجدوى تجاه الاهداف (غير المدنية)، ويفقد قوة الردع. ولتلافي هذه المعضلات عملت إيران على جعل الصواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، وقامت بتصنيع قمر إصطناعي يستخدم في المرحلة الأولى أو لاحقاً لأغراض تجسسية، لأنها ليست مهتمة بعلوم الفلك والمناخ....، وتؤشر هذه العناصر الى جدية التوجهات الإيرانية، وطبقاً لذلك، سيعمق القمر الإيراني الخلافات مع المجتمع الدولي، ويدفع الى اتخاذ إجراءات دولية مؤثرة، لأنه سيؤخذ كجزء من منظومة بالغة الخطورة بأيد خارجة عن السيطرة.

هذا هو المفصل الأساسي من قوة الردع الإيراني، أما إذا رُبطت ببعضها، فيمكن تخيل عملية التزاوج مع قوة الإرهاب وحركة الجواسيس، فليس مبالغة، ولا خوفاً فردياً، ولا تحريضاً، بل حرصاً على الأمن العالمي، وسلامة الأطفال أقدس الأمانات، أن يفترض تسريب قنابل نووية الى يد الإرهاب، أو لنقل تخفيفاً للتوقعات، نقل عدد من القنابل النووية الصغيرة جداً من خلال عمليات الشحن التجاري الضخم الى مناطق مستهدفة وجعلها بيد ضباط مخابرات إيرانيين، وما أكثرهم، والتلويح باستخدامها، أو استخدامها في الحالات الحرجة أو في لحظات الغطرسة والجنون. ورب من يقول إن هذا خيال غريب، فماذا ستقول إيران لو قبض على حقيبة من هذه مع شخص متلبس؟ ستنفي وتبرر أو أن تقول حصل خرق أمني لديها... وفي النتيجة لن تقوم الدنيا عليها لأنها تكون قد أصبحت دولة نووية، ولا حرب غير مقاطعة هشة في عالم غير متجانس المواقف. مثل هذا الكابوس تساءل حوله كبار الاميركيين قبل سنين، عندما كانت القاعدة الخطر الأكثر خطورة. وأما كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإجرامية خيالاً قبل وقوعها.

يبقى السؤال الكبير عما تريده إيران، ويبقى التساؤل بنفس الحجم عن حالة التقاعس لدى المجتمع الدولي عموماً، وعندما تغيب الإجابات، يظهر أفق الطموحات الإيرانية قاتماً على حساب المنطقة ومصلحة العالم، وعلى حساب عموم الإيرانيين، لأن من الجنون، وخارج كل الإحتمالات، توقع إستسلام الغرب ودول المنطقة، أو القبول بأخطر توجهات يشهدها العالم حالياً.

ولا بد من الإقرار، أو على الأقل بالنسبة لي، بأن من حق المسؤولين الإيرانيين العمل على إقناع عموم الناس بوجود إمدادات غيبية لتوجهات القيادة الإيرانية، وإلا فأي هبات غيبية ساعدت البرامج الإيرانية، أكثر من حماقة احتلال الكويت وما ترتب عليها من تدمير للقوة العراقية واختلال المعادلات الإقليمية، وحماقة القاعدة وطالبان في الحادي عشر من سبتمبر ومؤدياتها في أفغانستان التي جعلت إيران لاعباً في وسط آسيا، والحماقة الجورجية في توقيت التحرك لإعادة السيطرة على أبخازيا وأوسيتيا، التي فتحت جبهة حساسة أشغلت السياسيين في الدول الكبرى، ونقلت الصراع والنشاطات الى أزمة داخل الحلقة الضيقة في مجلس الأمن، فضلاً عن الملاحظات الكثيرة حول الإستراتيجية الاميركية في طريقة معالجة الملف العراقي خصوصاً في السنوات الثلاث الاولى بعد سقوط النظام.

ثم لا بد من التوجه الى عموم الإيرانيين والمظلومين والفقراء منهم خاصة، بالتذكرة بما فعلت سياسات صدام بأهله وحزبه ومحبيه والمنطقة. ولو أجري استطلاع حقيقي ونزيه للإيرانيين في إيران وخارجها، لجاءت النتيجة مذهلة بحجم الرفض للتوجهات المفروضة عليهم، والتفكك والتناقض في مواقف كبار الساسة والشيوخ الإيرانيين دليل على ذلك. أما رسائل الوعيد والتهديد المفبركة فلن تجدي نفعاً.

[email protected]