ألوان من أصيلة

TT

يليق بها المهرجان، أصيلة. أقيمت من أجل ألوانه، هنا على البحر، بكل بيوتها العتيقة وأحواشها المتلاصقة وأزقتها الضيقة وبلاطها العتيق وأشجارها المعقورة مثل الخيول الهرمة من كثرة الزمان ولفح الأطلسي العابث بألوانه، مرة زرقاء، مرة أطلسية خضراء «داكنة»، مرة تعلو بالسفن الناعسة وتهبط.

يليق بها المهرجان، أصيلة. لقد أكثرت في حدائقها من عرائش البوغانفيليا. الزهرة الزاهية التي اكتشفها في الأدغال مستكشف فرنسي يدعى المسيو دو بوغانفيليه.

لا أذكر ماذا كان ذاهبا يستكشف المسيو دو بوغانفيليه. الأمازون أو المسيسبي أو تماسيح أستراليا. لكنه في الطريق اكتشف لنا هذه العريشة الجدارية، ومنحني الحق في أن أنشرها في حديقتي وفي كل رواياتي دون المطالبة بالعائد. وها هي هذا العام تبدو أكثر ظهوراً وأفضل تقليماً في حدائق أصيلة وعلى مداخل المدينة القديمة. أو لعلها القرية القديمة، التي حولها محمد بن عيسى إلى مهرجان وحولها المهرجان إلى مدينة صغيرة ما بين عالم طنجة المكتظ وهدوء الرباط.

هنا، عند سي بن عيسى الذي أتمنى أن أراه ذات يوم أميناً عاماً للجامعة العربية أو للأمم المتحدة. من المؤسف أن يتقاعد الدبلوماسيون. هناك خلل كبير في أن يخضع رجال مثل جميل الحجيلان ومحمد عبده يماني وأحمد عميمور ومحمد بن عيسى لقانون التقاعد وتدوين المذكرات.

وفي أي حال هذي أصيلة. ومثل جميع مدن المغرب تعيش في الهواء الطلق. ومساء الجمعة يبدو الكورنيش في طنجة وكأنه توحد مع كورنيش الاسكندرية وكورنيش بيروت وكورنيش أبوظبي وباقي كورنيشات العالم بما فيها القاهرة في عيد شم النسيم. من أين يأتي هؤلاء السيدات والسادة والأطفال وإلى أين يعودون، لا جواب عندي سوى لازمة ايليا أبوماضي: لست أدري. وفي أي حال، هذه أصيلة. مهرجان لا تلقى فيه القصائد في مدح سيادة الرئيس كما في المربد ولا تدخل المخابرات إلى غرف الضيوف لتتأكد من أنهم لم يرموا في سلة المهملات الصحيفة التي عليها صورته. هنا، في أصيلة، السيادة للألوان، خصوصا البوغانفيليا.