مغامرة في وادي الملوك (6)

TT

دخلت إلى مقبرة الملك «سيتي الأول» ثاني ملوك الأسرة التاسعة عشرة والموجودة بوادي الملوك في الأقصر مرات عديدة، لكن هذه المرة تختلف عن كل المرات السابقة.. والمقبرة بها سرداب كشفه ودخله لأول مرة المغامر الإيطالي بلزوني، وبعد ذلك بسنين عديدة وفي عام 1960 كان الشيخ علي عبد الرسول يعمل هو ورجاله لصالح مصلحة الآثار في استكمال كشف وتنظيف هذا السرداب وكله إيمان أن حجرة دفن الملك «سيتي الأول» لا تزال في مكان ما بداخله. وعندما دخلت هذا السرداب لأول مرة لم تكن عملية الدخول سهلة على الإطلاق، فالظلام يلف المكان لا يجرحه سوى ضوء المصباح الصغير، الذي أحمله في يدي والأتربة والصخور المنهارة من سقف السرداب تملأ المكان ارتفاعاً وهبوطاً ولا تترك إلا مساحة ضيقة للغاية لكي نمر من خلالها، وقطعت أول مرة مسافة 80 مترا داخل عمق السرداب.. كانت مغامرة مخيفة ورائحة التاريخ هي التي تدفعني بكل قوة للاستمرار في تتبع نهاية هذا السرداب التي لا تعرف حتى الآن..

لقد كنت سعيداً عندما عدت مرة أخرى إلى سرداب الملك «سيتي الأول» ومعي بعثة مصرية لحفر وترميم السرداب، واستطاعت البعثة ترميم الجزء الأول من السرداب، بعد أن كشفت عن العديد من القطع الأثرية المهمة داخل السرداب. والغريب أن هذا السرداب لا يزال مستمراً حتى بعد مسافة 136 مترا، وحدث وأنا أتقدم إلى داخل هذا الجزء العميق من السرداب، وكنت تقريباً أحبو على ركبتي وفجأة سقط حجر ضخم من السقف على قدمي وسقطت على الأرض من شدة الألم، وحاولت بصعوبة الخروج من هذا السرداب، حدث هذا في بداية اليوم، وكان عليّ أن استكمل العمل داخل إحدى المقابر الأخرى، وكذلك زيارة موقع حفائر معبد الكرنك، كل هذا والألم يزداد وما إن وصلت إلى المنزل عائداً من الأقصر وخلعت حذائي حتى وجدت قدمي وقد نزفت بشدة، وأصبح لونها شديد الزرقة، ونصحني الطبيب بضرورة عمل الأشعة، والحمد لله لم يكن هناك كسور، ولكني كنت مضطراً لوضع قدمي في الأربطة لمدة أسبوعين، وعلى الرغم من ذلك فإن الإحساس بالمغامرة وأنا داخل هذا السرداب يزداد ليمحو ذكرى أي ألم. فهل سيبوح لنا «سيتي الأول» بسر مقبرته الجميلة بوادي الملوك؟ ولماذا حفر هذا السرداب؟ وما هي الأشياء الثمينة التي خبأها بداخله؟

مغامرة ثانية تشابهت مع الأولى تماماً داخل هذا السرداب، لكنها هذه المرة كانت مسجلة عن طريق إحدى القنوات الأميركية بمناسبة زيارة الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون» إلى لوس أنجليس، وقد قام مخرج البرنامج بالتقدم إلى مهرجان التلفزيون الأوسكار الأمريكي الذي يطلق عليه جائزة (إيمي)، وقد وجد المحكمون أن المخرج يستحق فعلاً الجائزة؛ ولكن وجدوا أيضاً أنني استحق نفس الجائزة. واعتقد أنها المرة الأولى التى تُقدم إلى شخص غير تلفزيوني؛ حيث تمنح في الغالب لمخرجي الأفلام التسجيلية.

www.guardians.net/hawass