باكستان خطر حقيقي

TT

ذهب الجنرال برفيز مشرف، وبقيت مشاكل باكستان أكثر تعقيدا، وترجيحا للانفجار.

فباكستان النووية مرشحة لتعقيد أكبر من صراع على السلطة والنفوذ، بسبب خطر السقوط في أيدي الإرهابيين، وخطر تحولها إلى مسرح تنعكس فيه الصراعات الإقليمية، بكل أشكالها، وحتى بعدها الطائفي.

باكستان ليست بالدولة الهامشية. باكستان معقل سني، وقوة عسكرية تضمن استقرار جزء مهم من جغرافية المنطقة العربية، وتحديدا الخليج العربي، في وجه المطامع الإيرانية وغيرها، ودورها مهم في محاربة الإرهاب داخلها، وفي أفغانستان.

المشكلة الرئيسية أن جميع الفرقاء والطامحين في باكستان اتفقوا على إسقاط مشرف، وهو ما تم، إلا أنهم لم يتفقوا على خطة من أجل الخروج من عنق الزجاجة والعبور بالبلاد إلى مرافئ الأمان والاستقرار، في وقت يتربص فيه أعداء باكستان، وهم كثر، في الداخل والخارج، باستقرار البلاد وقوتها.

الخصومة مع مشرف وحدت أعداءه ضده، لكنهم، أي خصومه، ليسوا متفقين على استقرار باكستان وحمايتها من الانهيار السياسي أو الاقتصادي، فالطموح السياسي، والرغبة في السلطة جعلت باكستان الضحية الكبرى في هذا الصراع السياسي الداخلي.

باكستان أكبر وأهم من أن تترك إلى تصفية الحسابات بين ساستها، ومن هنا فإن الخوف مشروع ومبرر على استقرار البلد، ولذا لا بد من جهد دولي، وعربي على وجه الخصوص، من أجل حماية البلاد، وضمان أن لا يفرط العقد في باكستان، أو يحدث التقاعس في الحرب على الإرهاب.

فالخوف على باكستان له الكثير مما يبرره. هناك خوف من أن تتمكن القوى المتطرفة، وبمساعدة من دول مجاورة، من إيقاع باكستان في مستنقع دموي يستفيد منه الإرهابيون، وتحديدا تنظيم القاعدة، في تحويل جزء كبير من باكستان إلى قلعة حصينة لهم، وأرض تفريخ للإرهابيين والفكر المتطرف.

وبالتالي فإن القلق مبرر من أن تقوم جهات تسعى إلى ضرب الجهد الدولي في أفغانستان بالسعي إلى تعميق الهوة بين باكستان وأفغانستان، من أجل إفشال أي جهد للتقريب بين كابل وإسلام آباد، خصوصا في مكافحة الإرهاب، وقد تنبه البريطانيون إلى ذلك وهناك محاولات من قبلهم للتقريب بين باكستان وأفغانستان.

أيضا هناك خوف من استغلال عدم الاستقرار في باكستان من أجل إعادة إشعال النزاع المسلح بين إسلام آباد والهند، وهو ما قد يقود إلى نتائج كارثية على اعتبار أن كلتا الدولتين الهندية والباكستانية نوويتان.

وعليه فلا بد أن يكون هناك سعي عربي كبير، وخصوصا من السعودية ودول الخليج العربي ومصر، من أجل ضمان التقريب بين الفرقاء في باكستان للاتفاق على ضرورة الحفاظ على البلاد وضمان استمرار محاربة الإرهاب، وعدم استغلال الدول المجاورة للأزمة السياسية العميقة في باكستان مما قد يعقد الأوضاع الداخلية.

ما أريد قوله، هو أنه لا بد من النظر إلى استقرار باكستان على أنه امتداد لاستقرار منطقتنا، واعتبار باكستان أمرا يندرج في صميم أمننا العربي، والخليجي تحديدا. 

[email protected]