لماذا يطرد طلابنا من جامعات أميركية؟

TT

ختم على جوازات عشرات من الطلبة السعوديين والعرب الآخرين الذين قدموا حديثا للولايات المتحدة للدراسة الجامعية بمنع العودة الى البلاد، وتعين عليهم البحث عن دول اخرى وجامعات جديدة لإكمال تعليمهم. السبب انهم ضبطوا متلبسين بتعاطي الفكر المتطرف، مثل زيارة مواقع الكترونية دينية متطرفة، او سياسية معادية، او قاموا بمراسلات فكرية مع جماعات مماثلة. لكن افعالهم جميعا لم ترق الى درجة ارتكاب ممنوعات او علاقات ارهابية، وإلا ربما كانت النتيجة ان ألبسوا البيجاما البرتقالية في سجن غوانتانامو.

واللوم هنا يقع على جهات الابتعاث التي ترسل آلاف الطلبة الصغار من دون ان تنبههم على ان يراعوا الوضع الجديد في الجامعات الاميركية بالنسبة للدارسين الاجانب. من المرجح انهم مراقبون بشكل مستمر، ويتم التنصت على مكالماتهم، وتقرأ رسائلهم الالكترونية، ويعرف تاريخ مطالعاتهم على الانترنت، فإنْ ثبت انهم متجهون الى الاختلاط الفكري المعادي من المحتم ان يتم طردهم. فالولايات المتحدة تعتبر نفسها في حالة حرب مع الارهاب، ولن تسمح بان تبنى أي خلايا فكرية او ارهابية معادية لها على ارضها. وكانت الاجهزة الامنية بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر قد قامت بالتضييق على الطلاب العرب، للتخلص من أي احتمال بوجود مرتبطين بالقاعدة او متعاطفين معها، إلا ان الرئيس الاميركي الحالي تبنى توصية مناقضة تقول بضرورة إعادة التواصل مع الطلاب العرب والمسلمين، وان هذا على المدى الطويل يخدم العلاقة بين الفكرين، وكذلك بين الشعوب، وان الاكثرية هي بالفعل ضد التطرف والارهاب. بعدها فتحت السفارات ابوابها، ومنحت عشرات الآلاف من التأشيرات لطلاب الدراسة، بل وقامت الحكومة الاميركية بتقديم منح تعليمية لطلاب عرب على حسابها. ورغم هذا التوجه الايجابي الجديد ظلت الاجهزة الامنية حذرة وقلقة تراقب القادمين الصغار، وبات واضحا انها ستعامل بالطرد كل من تشتبه بسلوكه.

وهؤلاء الشباب من السذاجة بحيث انهم لم يدركوا طبيعة البلد الذي انتقلوا للعيش والدراسة فيه، انه ينظر بعين الشك اليهم، وكل ما يحتاج اليه سلوك متطرف مشبوه لإبعادهم. حتى ان التعليمات الحكومية للجامعات الاميركية ان الطلبة الذين يتغيبون بكثرة عن فصولهم الدراسية، لا يكفي ان يعاقبوا بخصم الدرجات العلمية بل يتم ابعادهم من البلاد، ربما سيسعد الاباء ان يسمعوا بها كميزة اكثر من كونها عقوبة. فالاخ الاكبر صار يتأكد من حسن ادائهم الدراسي اعتقادا منه ان المواظبة على الدروس تبعدهم عن رفاق السوء من المتطرفين الكارهين للولايات المتحدة، الذين يعيشون في داخل حرم جامعاتها ويبثون الدعاية التحريضية ضدها.

[email protected]