إنها المقاومة!

TT

لولا البيان الاستنكاري لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، لما تمّ تداول خبر احتجاز «حزب الله» لثلاثة صحافيين برازيليين كانوا يعدون تقارير في أحد مطاعم ضاحية بيروت الجنوبية قبل أكثر من أسبوع.

الصحافيون الثلاثة احتجزوا لساعات وتم نقلهم خلالها لثلاث نقاط للتدقيق في هوياتهم. صودرت الشرائط التي صوروها وأخلي سبيلهم شرط عودتهم مباشرة إلى لندن بحسب ما قال بيان المنظمة.

سبق هذه الحادثة بأيام احتجاز مصور فرنسي أيضاً في الضاحية الجنوبية لبيروت قبل الإفراج عنه.

إنها تفاصيل تتكرر على نحو دائم في مناطق نفوذ «حزب الله» حتى باتت بمثابة تقاليد العمل الإعلامي حين يتعلق الأمر بـ«المقاومة».. لكن وكأنما هناك إصرار وربما تفاهم غير معلن لدى أبناء ثقافة «المقاومة» التي يجسدها حزب الله ولدى المعترضين عليها بأن تجاوزات من هذا النوع (أي توقيف صحافيين) لا حاجة للتوقف عندها!..

هذا ما تظهره على الأقل حقيقة أن تداول هذا الخبر عبر وسائل الإعلام والصحف اللبنانية (ناهيك عن العربية) كان نادراً إلى حدّ كبير حتى كاد ينعدم. وحتى إن مرّ الخبر فهو لم يحرك الكثير من ردود الأفعال رغم أن هذه الصحافة نفسها انشغلت بقضية سعي استراليا لوقف بث قناة «المنار» التابعة للحزب في أراضيها. لكن يبدو أن حرية بث إعلام حزب الله إلى العالم لا تقابلها حرية التغطية الإعلامية لمناطق نفوذ الحزب ومجتمعه..

توقيف صحافيين لا يحوزون تصريحا من المكتب الإعلامي التابع لحزب الله أمر روتيني يتكرر باستمرار حتى ولو كان الصحافيون حائزين على اعتمادات من وزارة الإعلام اللبنانية، فتلك اعتمادات لا قيمة لها ولعل الدولة «غير المقاومة» هي مصدر الاعتراض الأول..

إنها واحدة من تلك الوقائع التي ينعقد حولها مجتمع «المقاومة» والتي باتت لعاديتها لا تثير جلبة أو نقاشاً يفترض أن تثيره قضية عرقلة عمل الصحافة والإعلام والتقييد على أي مادة يمكن أن تصوّر داخل مناطق نفوذ حزب الله وهذا لو أتيح لكنا حتماً قد رأينا حقائق كثيرة غير تلك التي بات الجميع يسلم بها في لبنان..

النقاش يبدو متكرراً وعادياً بالنسبة إلى حزب الله ومؤيديه الذين لا يرون أي غضاضة في توقيف صحافي أو سياسي أو مواطن وهو ما تكرر على نحو واسع في الآونة الأخيرة وكانت الحجة دائماً تتكرر حتى لنخال أنفسنا نسمع باستمرار: إنها المقاومة، ألا تفهمون.!!

ألم يرفع قياديو الحزب مؤخراً شعار «لا لبنان من دون مقاومة»..

إنها المهمة الأبدية التي يفترض أن تجيب على جميع التحفظات والاعتراضات على انفراد الحزب بمهمات وبقدرات وبسلاح ثبت أن لا طرف غيره يمتلكها في لبنان.

حصر دور الجماعات اللبنانية ودولتهم العاجزة بمهمة «المقاومة» يعني أن صروف الحياة كلها خاضعة لهذه المعادلة وتوظف فيها فكيف حين يتعلق الأمر بالحريات!.

فهذه «المقاومة» سبق أن أوقفت صحافيين وعنفتهم وأحرقت وأقفلت إذاعة وتلفزيوناً وصحيفة ولم تجر مساءلتها...

ولكن، إنها «المقاومة».. سريعاً ما سيجيبنا «الممانعون»..