ما الذي يجلبه بايدن معه؟

TT

من قبل، سعى جو بايدن للوصول إلى الرئاسة، في وقت كانت «مشاعر السخط حيال إخفاق نظامنا السياسي تسود بين مختلف فئات مواطنينا»، حسبما أشار جو بايدن. وأضاف: «في خضم هذا الحشد الساخط، يرمي قرار ترشحي للرئاسة لإيجاد صوت لهذا السخط». ووعد بايدن بـ«إعادة إشعال جذوة المثالية في مجتمعنا».

إلا أن بايدن، 44 عاماً آنذاك، الذي صدرت عنه هذه التصريحات في 9 يونيو (حزيران) 1987، لم يتمكن من الوصول إلى قمة السلم السياسي. بدلاً من ذلك، تولى بادين، 65 عاماً، مهمة مساعدة باراك أوباما، 47 عاماً، على النجاح في نفس الحملة الانتخابية القائمة على التغيير من جيل إلى آخر جديد والوعود المثالية التي سبق أن أعلنها بايدن، لكن لم يتمكن من إنجازها قط.

باختياره بايدن، أوضح أوباما عزمه على المضي قدماً نحو التخفيف من حدة المشكلات، التي أبداها الكثير من أعضاء الحزب الديمقراطي في الأسابيع الأخيرة، وهي مشكلات اتضح أنها تثير قلق أوباما أيضاً.

ومن بين هذه المخاوف القلق بشأن محدودية قدرة أوباما على اجتذاب أصوات البيض من أبناء الطبقة العاملة. ومن الواضح أن الديمقراطيين يشعرون بالقلق من أن أوباما لم يبد قوة كافية في مهاجمته جون ماكين، المرشح الجمهوري للرئاسة، وأنه لم يول حتى الآن اهتماماً كافياً لضرورة الربط بين ماكين وجورج دبليو. بوش.

من جانبه، لا يخفي بايدن غضبه الشديد حيال تداعيات السياسات التي انتهجها بوش، وأبدى بالفعل مدى حرصه على مهاجمة كل من الرئيس وماكين.

من بين القضايا الأخرى التي سوف تستحوذ على الاهتمام العام، خلال هذا الأسبوع، أو كذلك يأمل معاونو أوباما، في إبرام مصالحة بين المرشح الديمقراطي للرئاسة والملايين من أنصار الحزب، الذين أيدوا هيلاري كلينتون. وربما يترك قرار اختيار بايدن نائباً لأوباما تأثيراً إيجابياً على هذه الجبهة، التي لم تنل قسطاً مناسباً من الاهتمام حتى الآن.

بعدما وضع بايدن نهاية لترشحه للرئاسة في يناير (كانون الثاني)، رفض إعلان تأييده لأي من أوباما أو كلينتون. بدلاً من ذلك، استمر الخصمان في تنافسهما بدونه. أما بايدن فقد ظل يجري اتصالات هاتفية بصورة منتظمة مع كل منهما، حسبما أخبرني في وقت سابق من هذا العام. وعرض وجهات نظره وقدم النصح، وفي أحيان أخرى اكتفى بتقديم المواساة. وعلم كل مرشح أنه يتحدث إلى الآخر، ووثق كل منهما به.

وبذلك يتضح أن بايدن يمثل اختياراً يروق إلى كلينتون، رغم أنه ليس جميع أنصارها سينظرون إلى الأمر من هذه الزاوية. يذكر أن من بين أكبر الفجوات القائمة بين أوباما وكلينتون اعتقاد الأخيرة بأن أوباما لم يعمل بجد مثلها لإتقان التعامل مع السياسات الخارجية. وفي بايدن، وجد أوباما متحدثاً يحظى باحترام كلينتون.

كما أن بايدن سيوسع من نطاق النصائح التي يتلقاها أوباما. مثلاً، أكد أحد أصدقاء بايدن بأنه: «ليس هناك شخص يضاهي جو في حجم الروابط التي يحظى بها داخل مؤسسة السياسة الخارجية». والآن، ستتحول هذه الروابط لصالح أوباما.

ومن خلال اختياره شخصاً بناءً على المؤهلات التي يتمتع بها، دحض أوباما بقوة جهود حملة ماكين تصويره باعتباره شخصا يضع «الحزب والسياسة والمصلحة الشخصية» قبل الأمن القومي في ترتيب اهتماماته. ومن الواضح أن اختيار بايدن يتعلق بكيفية ضمن الحكم الرشيد، وليس الفوز في الانتخابات فحسب.

علاوة على ذلك، يرمي اختيار بايدن لتحقيق هدف آخر وهو تقديم أوباما باعتباره شخصا بمقدوره إصلاح نظام سياسي فاشل، من خلال التواصل مع مختلف الأطراف.

ومن خلال وضعه أجندة العمل اللازم القيام به، ربما يتمكن بايدن من تحقيق هدف وضعه نصب عينيه عام 1987، عندما قال إن أمله هو: «أن نغير التاريخ قليلاً».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»