على لسان الحيوان

TT

اعتادت سائر الشعوب على استخدام الحيوانات كشخصيات روائية أعطوها القدرة على الكلام والحوار لغرض الموعظة والحكمة. لدينا أحسن مثال في حكايات كليلة ودمنة. وكان الهنود أول من التفت إلى هذا الاستعمال في نشر مواعظ بوذا ضمن مجموعة حكايات جادكس. وفي الأدب الغربي توجد مجموعة حكايات فونتين وأساطير آيسوب.

بيد أن الظرفاء سرقوا من الحكماء هذه الوسيلة فاستعملوا الحيوانات في سخريتهم وفكاهاتهم. شاع الكثير من ذلك في أدب السخرية السياسية العربية في العصر الحديث. لفت نظري منها ما قالوه عن اعتدادنا بالشهادات ودنيا الأوراق والروتين. قالوا إن أرنبا جائعا رأى الدب في السرك ولاحظ الأكل الكثير الذي يوفرونه له. فسأل الدب عن ذلك فقال له: تعال معي في القفص. وما أن دخل حتى ادعى الأرنب أنه هو الدب وطالب بأكله. نازعه الدب في ادعائه فاحتكما إلى الأسد ليقضي بينهما. وكان الدب قد استسهل الأمر فلم يتزود بأي حجة في حين أبرز الأرنب شهادة تقول إنه دب وابن دب. فحكم له الأسد حسب ما أبرزه من ورقة وخسر الدب دعواه. طردوه من القفص وأعطوا مكانه للأرنب. وبعد أيام قليلة اكتشف أن الأسد أيضا لم يكن أسدا قط. كان حمارا وجاء بشهادة تقول إنه أسد فعينوه قاضيا على مملكة الحيوان.

وفي جو قمع حرية التعبير والكلام انتشرت حكاية الكلب الهارب من بلده. سمعناها في بعض بلدان الشرق الأوسط. لوحظ كلب يجري نحو إسرائيل فالتقته الكلاب الإسرائيلية وبادرته بالسؤال: «انت مالك ؟ جاي تركض إلى هنا؟ ما شايف حالنا وكيف عيشتنا بين هاليهود اللي ما يحبون الكلاب؟ وكل هالجوع اللي نحن فيه؟ انت مجنون؟ شو اللي عاوزه؟» فأجابهم الكلب العربي: «عاوز أعوي!»

وأمام نقص المواد الغذائية في مصر، شاعت حكاية السمكة. عاد رجل بسمكة اصطادها توا من النيل. فلم يجد من زوجته أي حماس. قال لها: «مالك؟ مش شايفة السمكة الكبيرة دي؟». قالت :«يا ما جاب الغراب لأمه! ح نعمل إيه بالسمكة؟» قال: نقليها بالزيت.

ـ مفيش زيت.

ـ نطبخها بالصلصة.

ـ مفيش قوطة.

ـ نغليها بالميه.

ـ مفيش بوتجاز.

ضرب الرجل يدا بيد وقال: «لا حول ولا قوة إلا بالله». عاد حانقا بالسمكة إلى النهر وألقاها في الماء. فرأى السمكة ترفع رأسها وتهتف: «يعيش عبد الناصر!»

www.kishtainiat.blogspot.com