دروس من بريستول بالين

TT

قد تكون اللحظة المناسبة للتعلم قد حانت بعد حمل بريستول بالين. وقد لا يكون هذا هو الدرس الذي كان يريده جون ماكين. لقد كانت الفكرة الأولى التي دارت بخلدي لدى سماع تلك الأخبار هي: فيما كانت سارة بالين تفكر؟ وعلى افتراض ـ كما أوضحت الحملة الانتخابية ـ أنها كانت على علم بحمل ابنتها البالغة من العمر 17 عامًا، وأنها أخبرت ماكين مسبقًا حول كيف يمكنها إظهار ابنتها أمام دائرة الأضواء التي لا مفر منها نظرًا لخوضها الانتخابات لمنصب نائب الرئيس؟ لقد أصبحت ظاهرة الأم غير المتزوجة ـ أو على الأقل التي لم تتزوج بعد ـ ظاهرة اعتيادية (وهذا أمر سيئ)، وغير مخجلة (وهذا أمر جيد) في القرن الـ21 في أميركا. لقد أصبح الحمل قبل الزواج بمثابة دلالة على الشرف وليس وصمة عار كما كان في الماضي. ومع ذلك لا يشعر أحد بالارتياح لحمل فتاة تبلغ من العمر 17 عامًا، سواء كانت بريستول بالين أو جامي لين سبيرز (شقيقة بريتني سبيرز). وفي تصريح معد من قبل ويُقصد به التقليل من أهمية القضية بالأمس، أشار تود بالين وسارة بالين إلى أن هذا الأمر (أي الحمل): «سيجعلها تكبر أسرع مما كنا نخطط له». إلا أن الأمر يبدو أصعب في مواجهة الوهج الإعلامي الحالي، ففي بيانهما طالب الزوجان بالين وسائل الإعلام قائلين: «إننا نطلب من الإعلام احترام ابنتنا وخصوصية ليفي (الأب) كما جرى العرف بالنسبة لأبناء المرشحين». وأنا أتعاطف مع القضية كوالد، ولكن كوالد في مواجهة وسائل الإعلام، فإنني أفترض أيضًا أن الأبوين بالين قد افترضا أن هذه الخطورة التي يواجهانها أمر مفروغ منه. وأي شخص رأى ما استغلته التغطية الخاصة بتوأمتي بوش في حانة بيع المسكرات، يعلم أن تحويل ناظريك عن موقف ما بشأن أبناء المرشحين له حدود. ومن السذاجة التخيل ـ في عصر الانترنت ـ أن حمل ابنة بالين سيمر مرور الكرام، وأعتقد أنه من الخطأ أيضًا توقع هذا. وبقبول هذه الحقيقة أم لا، فإن حمل بالين قد تداخل مع نقاشات بالغة الأهمية في السياسة العامة حول ماهية الاختلافات بين كلا الحزبين، والتي كانت سارة بالين قد صرحت بها بصورة بالغة الوضوح.

وما دفعني نحو فكرة اللحظة التي آن الأوان للتعلم منها هو التساؤل: ما الذي يتعين أن يتم تعليمه للمراهقين بشأن الممارسات الجنسية وسبل منع الحمل؟ ومن المسؤول عن تعليم هذا الأمر؟ وما هي التصاريح التي يجب أن تكون لديهم للوصول إلى الواقي الذكري وباقي وسائل منع الحمل الأخرى؟ على وجه الخصوص، هل يعتبر التعليم بشأن وسائل منع الحمل وحدها يكفي؟

لقد أقر البرنامج السياسي للحزب الجمهوري في عام 2008 أنه «في كل عام، يصاب أكثر من 3 ملايين مراهق أميركي بالأمراض التي تنتقل نتيجة للاتصال الجنسي، مما يسبب ضررًا عاطفيًا بالغا كما أن له عواقب صحية وخيمة قد تصل إلى الوفاة». وساند البرنامج آنذاك «جهود تعليم المراهقين والآباء بشأن المخاطر الصحية المصاحبة للممارسات الجنسية المبكرة وتوفير الأساليب الضرورية لمساعدة المراهقين على اتخاذ الخيارات الصحية السليمة». وأضاف البرنامج بعد ذلك، «أن وسائل منع الحمل في الممارسات الجنسية هي الحماية الوحيدة التي تصل نسبة فعاليتها إلى 100% فيما يتعلق بحدوث الحمل لغير المتزوجين أو لمنع العدوى من الأمراض التي تنتقل عبر الاتصال الجنسي». نعم، إن الحديث عن وسائل منع الحمل يعد أسهل من الامتناع عن فعل ذلك، فقد أشار أكثر من 60% من طلبة المدارس العليا أنهم مارسوا الجنس ولو لمرة واحدة على الأقل. إن الرسالة التي يتعين على كل أسرة أن تتعلمها من حمل بريستول بالين هي: أن هذا الأمر قد يتكرر معهم.

ويعد هذا الأمر مناقضا لمعارضة سارة بالين للبرامج التي تعلم المراهقين أي شيء عن وسائل منع الحمل، حيث أوضحت لدى إجابتها على أحد استقصاءات الرأي في منتدى إيجل المحافظ الذي عُقد أثناء التسابق لنيل منصب حاكم الولاية: «أن برامج التعليم الجنسي لن تلقى تأييدا مني على الإطلاق». لقد صوت ماكين لصالح زيادة التمويل الخاص بمنع الحمل، كما صوت لإنهاء البرامج الفيدرالية للتخطيط للأسرة، وصوت ضد تمويل برامج منع الحمل التي تستهدف المراهقين. بالإضافة إلى أنه صوت لصالح حصول المراهقين ـ الذين يسعون وراء برامج تنظيم الإنجاب في عيادات تنظيم الأسرة فيدرالية التمويل ـ على موافقة آبائهم. إن كونك مراهقًا يعني أنك ستجابه مخاطر حمقاء، ولن يغني أفضل الآباء انتباهًا ومراعاة لأبنائهم، وأفضل برامج التعليم الجنسي الشامل عن ضلوع هؤلاء المراهقين في أفعال حمقاء. وأفضل ما نأمله كآباء أن نعزل ونقي أبناءنا ـ قدر المستطاع ـ من تبعات وعواقب أفعالهم الطائشة الحمقاء.

إنني لدي ابنتان تعودان دومًا إلى البيت، إحداهما في الحادية عشرة، والأخرى في الثالثة عشرة، وهما في سن مقاربة من سن بريستول، ومع ذلك فأنا لا يمكنني أن أشعر بالراحة في داخلي مع أن هذا الموقف الذي حدث لبريستول بعيد عن أن يحدث مع ابنتي. وعندما أتحدث إليهما عن هذه الأخبار، أنتهز الفرصة لأنقل لهما الرسالة التي مفادها: أرجوكما، انتظرا. ومع ذلك فعندما تقرران ممارسة الجنس، بعد فترة بعيدة بعض الشيء، فأنتما لن تفعلا ذلك دون وسيلة لمنع الحمل.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»