سلطوا الضوء على الوجه المظلم لتهديدات الباسداران!

TT

في أحدث تصريح لمسؤول إيراني، خرج قائد بحرية الباسداران (الحرس الثوري الإيراني)، مشيرا الى أن درجة الاستعداد باتت أكثر (100) مرة من مرحلة الدفاع المقدس، وأن القوات الاميركية باتت اليوم لقمة سائغة.. وإذ تكون الحال كذلك، فكيف حال القوات الأخرى؟ مصيبة الإيرانيين تكمن فيمن تسلط عليهم من الراقصين على غياب ردود الفعل، وليس معلوماً إذا ما جرى توجيه الجهد الرئيسي للمخابرات الاميركية والغربية صوب القوقاز، وأضعفوا تحليل حركة المعلومات في منطقة الخليج، وهو أمر بعيد عن المنطق. فلا ينبغي أن توضع التصريحات الإيرانية في حيز الاستهانة الدائمة، ولا بد أنهم يخفون شيئاً أو يقصدون غاية خطيرة، طبقاً لاستراتيجية نفسية. وإلا ليس معقولاً تكرار تصريحات الاستفزاز الفج. وما يهدد به الإيرانيون لا يعنون به أميركا فقط، بل يقصد به الجيران بأسبقية عالية. فقبل أيام تحدثوا عن تصنيع طائرة مقاتلة يصل مداها الى ثلاثة آلاف كيلومتر، وكأنها ستذهب محاطة بغلاف (غيبي) عند طيرانها فوق بلاد أخرى. ثم سربت معلومات عن تزود إيران بصواريخ أس 300، وكأن تغطية إيران وكل الأهداف المهمة سيتم في ليلة وضحاها أو حتى خلال سنة، ليعوض خردة الصواريخ الحالية، وكأن روسيا سترتكب حماقة زيادة قدرات إيران الى حد غير مقيد يجعلها في موضع تفاوضي قوي. ويتحدثون عن تصنيع غواصة متوسطة، وكأن عمر الغواصات قد بدأ لتوه. وليس أن فقدت المزيد من تأثيراتها.

واقع حال الباسداران، لا يقلل من قيمته كقوة تقليدية قوية لحفظ السيطرة على الأمن الداخلي، في غير أوقات الضغط والانفلات، لكن أن ينقل ذلك لابراز العضلات خارج الحدود وفي الممرات الدولية، وتكريس احتلال الجزر.. ، فلا بد أن يؤخذ على محمل الجد، لأن التهديدات المتكررة، بمناسبة ومن دونها، تعكس صورة ينبغي التدقيق فيها، لمخططات سوداوية، ولا تفسير آخر لذلك. ومهمة المختصين في الدول المجاورة والغرب ينبغي ألا تغفل هذه (الحقيقة)، وألا تأخذ التهديدات من باب الدعاية الفارغة، فالتفاوت التكنولوجي الحاسم لا يكفي لردع النيات المقابلة، طالما أصر الطرف الآخر على مواصلة برامج يريد التغطية عليها وحمايتها، ويرى في التهديدات جزءا من وسائل الحماية وخططها. وإلا ماذا فادت قدرة الردع الاستراتيجي في وقف التدخل الإيراني في العراق أيام كان العنف في ذروته؟ فالحل في هذه الحال يبقى مرتبطاً بتوضيح الحقائق علناً ووضع الحلول الصحيحة علناً.

لنراقب الخليج وتركيا ومصر.. ، لم نشاهد مناورة عسكرية منذ فترة طويلة، ولم يعلن عن تصنيع سلاح، وربما لديهم، خصوصاً تركيا لها صناعات عسكرية، ولم تحصل تجارب، وفي واقع الحال، الكل يعتبرون أنفسهم مهددين بالبرنامج النووي الإيراني، وإن كانوا غير آبهين بالعسكرة التقليدية. فما بال إيران؟.

لنتساءل: هل تشعر إيران بخوف غير عادي من ضربة مفاجئة؟ ربما. هل يريد ضباط أجهزتها التخلص من مسؤولية حصول ضربة (غير متوقعة) فأكثروا رسائل وتقارير التحذير لقيادتهم، التي أطلقت العنان للتصريحات؟ ممكن. أم أن ما يحصل يمثل فقرات من خطط مبرمجة لحرب نفسية؟ محتمل. أم أن التهديدات الاخيرة جاءت، عرضاً، كرسالة رد على ما قيل عن موقف خليجي متحفظ لدعوة أحمدي نجاد لحضور القمة الخليجية، وهو حضور يخدم إيران، ويتيح فرصة لنجاد للتظاهر بفرض وجود لم يتمتع به عرب. وأي من الاحتمالات يأخذ علامات أكثر فأنه يدل على ابتعاد فرص الأمن والاستقرار عن أفق الخليج وجواره .

لا ينبغي الاستهانة بتراكم الخبرة الإيرانية، فكل الذين يغادرون مواقع مهمة، وليس قادة الباسداران وحدهم، تبقى لهم خيوط اتصال قوي بمؤسسات الدولة والمرشد، وحين يقدم كل واحد منهم كلمة أو رأياً، تتجمع للمخططين أوراق كثيرة، لكن المشكلة تكمن في أن معظمهم، من خريجي مدرسة واحدة، مدرسة لم ترتض بمبدأ التعايش السلمي البعيد عن الهيمنة، ويشدها حنين الى حقب لن تعود.

[email protected]