الحاجة إلى الجامعة العربية في غزة

TT

في التاسع من يناير المقبل تنتهي رئاسة محمود عباس، وتصبح فلسطين بلا رئيس. وهي الآن بلا برلمان، على اعتبار أن أكثر أعضائه رهن الاعتقال في إسرائيل، وبلا رئاسة حكومة منتخبة، بسبب انشقاق حماس واستيلائها على السلطة في غزة.

الفراغ الرئاسي سيتسبب في أزمة متعددة قد تصل الى المعارك على المنصب الشاغر الذي ما لم يتفق عليه ستنهار سلسلة السلطة، لأن كل ما تحتها يصبح أيضا بلا شرعية من أجهزة تنفيذية ورقابية. وهذا سيغري أناسا، في داخل السلطة وخارجها، على ادعاء حق السلطة تحت تبريرات مختلفة، وسيدخل الفلسطينيون، والعالم من حولهم، في دوامة جديدة من الفوضى والعنف، وقد تؤسس نهاية القضية، التي تكسرت كثيرا بعد انفصال حماس وتقسيم الأراضي المحتلة بين معسكرين.

لذا فإن حساب الأيام المقبلة، والبحث عن حلول جادة، مهمة ليست خاصة بالسلطة الفلسطينية، بل قد تتطلب إدخال الجامعة العربية كمظلة شرعية لفك النزاعات، وكذلك إشراك الدول الأساسية المعنية وتحديدا مصر والأردن.

وهناك حلول موجودة على الطاولة، أولها تفعيل قرار المجلس التشريعي الفلسطيني نفسه الذي أقر من قبل توحيد موعد انتخاب الرئاسة والبرلمان، حيث سبق أن وافق على تأخير انتخاب الرئيس عاما آخر ليتوافق مع انتخابات التشريعي. لكن حماس، التي انقلبت على السلطة، بدأت بالتهديد أنها ستعارض القرار وستعتبر عباس رئيسا غير شرعي منذ العاشر من يناير المقبل. طبعا يفترض أن قرارات البرلمان السابقة ملزمة، لكن كيف يمكن تحقيق هذا الهدف في مناخ الفوضى والتهديدات؟ أيضا الرئيس عباس نفسه ليس متحمسا للبقاء في المنصب، وأعلن أكثر من مرة عن عزوفه عن الرئاسة. السبب الثالث الذي يجعل الانتخاب ضرورة أنه سيوحد الشعب الفلسطيني مجددا، ويعطيهم الكلمة الأخيرة في من يريدونه زعيما للسنوات المقبلة.

أتوقع أن تسعى حماس لتعطيل الانتخاب في غزة، لأنها تشعر بأن غالبية أهل القطاع لن تختار مرشحا من حماس رئيسا، وتخشى من تبعات ذلك على كل وجودها. لكن لا يمكن القبول أن تأخذ حماس شعب غزة رهينة، ولا بد من إشراك الغزاويين في التصويت، وإلا صار اعترافا أبديا بتقسيم فلسطين وهو ما تتمناه إسرائيل. الحل الضروري يتطلب إدخال الجامعة العربية لتكون مشرفة على الوضع في غزة، وإعطائها حق الإشراف على الانتخابات. بهذا لا تستطيع حماس أن ترفض لأن الجامعة طرف محايد وتقوم بمهمة مؤقتة، وتعطي الضمانة بأن يصوت أهالي غزة كما يريدون، ويترشح من أهلها من يريد أيضا للانتخابات، بدون قمع من حماس أو تشكيك من فتح. وهذا الطرح لا علاقة له بإرسال قوات من الجامعة العربية، إلا إذا كانت هناك حاجة فقط لإنجاز المهمة الانتخابية المطلوبة.

[email protected]