محاربة التطرف.. مسؤولية

TT

في استراليا أدين ستة مسلمين بالتخطيط لأعمال ارهابية، حدث يتكرر في كثير من انحاء العالم، في بلدان اسلامية وأخرى ذات اقليات مسلمة صغيرة. صارت ظاهرة اثارت الاهتمام والقلق في المجتمع الدولي. وعلى الرغم من اختلاف الآراء حول كيفية محاربتها يكاد يتفق المهتمون على أن السبب هو الفكر المتطرف.

والحديث عن محاربة التطرف قديم منذ مطلع التسعينات عندما ظهر ارتباطه العضوي، لا الفكري وحسب، في ايام المحنة المصرية ثم تبعتها سنوات الارهاب الدامية في الجزائر. ولا يزال التطرف والارهاب ثنائي الأزمة خاصة بعد ان صار له بعد دولي بسبب أحداث الحادي عشر من سبتمبر. صار الفكر المتطرف قضية دولية حقيقية تبادلت الأطراف المختلفة التهم بشأنه. فالغرب أشار الى ان الدول الاسلامية مسؤولة تعليميا وماديا وفوضويا عما أصاب العالم. في حين دافعت هذه الدول بأنها نفسها مستهدفة، والمسلمون هم الاكثر بين ضحايا الارهاب، وان الغرب بقوانينه الحمائية للجماعات الاسلامية المتطرفة مسؤول عن التطرف.

وبسبب ذلك صارت محاربة الغلو قضية دولية اختارت كل دولة الكيفية في مواجهته، من اللجوء الى الكلمة والدعاية المضادة وحتى السجن والعقوبات المغلظة واعتبار ترويج الفكر المتطرف عملا ارهابيا. وكان آخر العقوبات في السعودية قرار سجن مروجي التطرف عبر الانترنت، وقبلها سجن محرضين اعترفوا بعلاقتهم الفكرية بالعمليات الارهابية داخل البلاد.

وكانت بريطانيا على رأس الدول المتهمة بالتهاون مع التطرف الفكري الاسلامي حيث تركته ينتشر بلا حسيب. وبعد أن اصابتها تفجيرات مايو أحست بالحريق فتحركت لقمعه. ثبت ان حجة حرية التعبير للسكوت على المتطرفين أدت الى الإضرار بالمجتمع ككل، وبعد سنوات من الرفض بدلت بريطانيا قوانينها، بما يجيز الملاحقة والمحاكمة وتسليم المطلوبين لدول أجنبية.

لكن شبه الإجماع الدولي هذا لم يقض على الأصوات التي تحرض يوميا، أولا بسبب رخص وسهولة وانتشار المنابر الالكترونية. أيضا رغبة حقيقية بمحاربة الفكر المتطرف بفكر معتدل، وبالتالي تقليل الاعتماد على الحل البوليسي على أمل ان تعالج هذه المجتمعات نفسها بنفسها، فتقلل حجم الأضرار بشكل عام.

وعلينا أن نراقب قرار شركة يوتيوب، الموقع الالكتروني المؤثر، التي قررت التدخل وحظر أشرطة التطرف إلا أنني اشك في قدرتها على تطبيق قرارها. ويقال إنها درست منع كل ما يردها باللغة العربية لكنها تراجعت لانه سيعد عملا عنصريا. مشكلة الموقع أنه يعتمد المشاركة المفتوحة، حيث يدخل كل من شاء، أي تسجيل صوتي، أو مصور، ليشاهده العالم، حتى امتلأ بدرجة صار يستحيل فرز ما فيه. فقد وضع فيه أكثر من مليارين ونصف المليار مقطع فيديو قبل عامين، ولا بد ان الرقم تضاعف.

ومع أن محاربة التطرف بدأت منذ سبع سنوات إلا اننا لا نرى محاربة جادة له، لذا سنرى المزيد من المتطرفين، ومن داخلهم سيولد ارهابيون جدد، وفي الأخير سيضطر الجميع إلى الاعتراف بأن المشكلة هي في التطرف لا في المتطرفين.

[email protected]