دوار المال وإغواء الجمال!

TT

بين أصحاب المال وصاحبات الجمال علاقة تجاذب نفسي، فالثري يبحث عن الجمال ليشبع نزعته إلى التملك الشامل، وصاحبة الجمال تشعر أن لجمالها الحق في أخذ نصيبه من الدنيا، وكثيرا ما ينتهي اقتراب المال من الجمال بكارثة أو فضيحة، وأن سلم من هذه أو تلك فإن ذلك الاقتراب سرعان ما تبتلعه المسافات، فصاحب المال قد يصاب بالتخمة من الجمال، وصاحبة الجمال قد تردد بعد فترة المثل الشائع: «يا آخد القرد من أجل ماله بكره يروح المال ويبقى القرد على حاله».

أكثر الحالات التي يقترن فيها الجمال بالمال تحدث بين رجال الأعمال وفاتنات الفن، فالظهور الفني يزيد الجميلة جمالا، وبعض رجال المال رؤوسهم خفيفة يصيبها الجمال بالدوار، فيتهافتون على الجميلات تهافت الفراشات على النار، فيحترقون حينا، وحينا يحرقون الجمال.

كم جميلة تورطت في إغراء المال، وكم صاحب مال وقع فريسة الجمال، وكم هي النهايات الحزينة التي شهدها اجتماع المال والجمال، فللمال غروره، وللجمال كبرياؤه، ومن غير المألوف أن لا يثير اصطدامهما ضرام الحرائق.. المال في يد الأحمق سلاح دمار شامل، والجمال الذي تعلوه رأس فارغة قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في وجه الجميع.. أخطر ما يمكن أن يصاب به بعض الجميلات جشع المال، وأخطر ما يمكن أن يبلى به رجال المال نهم الجمال، فجشع المال لدى الجميلة يسقط تاج جمالها، ونهم الجمال لدى رجل المال يسقط حرص ثرائه..

إدارة الجمال أكثر تعقيدا من إدارة المال، فالجميلة ليس لها أصدقاء، كل صديق يرغب أن يتحول إلى عاشق، وهنا تحتاج الجميلة إلى الذكاء لتصد وترد من دون أن تخلق لها عداوات وأعداء، ولكن ليس كل جميلة يتوفر لها ذكاء تتمترس خلفه، فأمخاخ بعض الجميلات لا تنطوي سوى على تلافيف من «المهلبية».. وإدارة المال لا شيء يهددها أكثر من إغواء الجمال، فرجل المال قد يتوهم أحيانا أنه مرغوب لذاته، فينسى في غمرة الدوار أن عيون الجميلات تميز بين جمال العلف وجمال الأصل، فيغرق في ثياب الطاووس، ولا يستفيق إلا على رحيل الفراشات إلى مساقط ضوء جديدة أكثر وهجا، وأخصب بريقا.

وختاما: هذه ليست تعميمية، فليس كل رجال مال قراصنة جمال، وليس كل ذوات جمال جواري مال، فالدنيا لم تزل معمورة بالأنقياء.

[email protected]