هل من حزام إعلامي وفكري ضد الإرهاب؟

TT

إن الانفجار الإرهابي الذي وقع في العاصمة السورية دمشق، السبت الماضي، وأوقع كعادة كل العمليات الانتحارية والإرهابية عدداً من الضحايا الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في مخططات الإرهابيين وأهدافهم الانتقامية، يدل على أن أصحابه بلغ بهم عمى البصر والبصيرة أن يتجاهلوا حتى قدسية شهر رمضان المعظم، وهو ما يؤكد الهوية الحقيقية لهؤلاء الإرهابيين الذين لا يمتون بأي صلة إلى الدين ولا إلى الإنسانية ككل.

وفي الحقيقة ما يلاحظ هو أن الأداء الإعلامي والفكري والثقافي العربي ضد الإرهاب ما زال ضعيفا ولم يستشعر بعد خطورة الإرهاب حاليا وعلى المدى البعيد.

وبالنظر في ملف الإرهاب بالوطن العربي والإسلامي خلال السنوات الأخيرة، يجد أنه بدأ يتآكل ويفقد حتى المتعاطفين مع أربابه كما أبرزت أخيراً دراسة أظهرت تراجع التأييد الشعبي العربي للإرهاب.

ومثل هذا التراجع كان متوقعاً لأن أيَّ تأييد ومهما كان نوعه، فإنه لا يستمر ولا يتأكد إلا بتحقيق المكاسب والانجازات. وبما أن إنجازات العمليات الإرهابية لم تخرج عن دائرة قتل الأطفال والمدنيين الأبرياء ومحاولة تدمير البنى التحتية للاقتصادات العربية وتهديد السياحة والمباني، فإن المتوقع هو أن يتراجع عدد مؤيدي ثقافة الموت والقتل والانتحار.

وهي مسألة تصب في عمق الحياة ومبادئها، ذلك أن غريزة حب البقاء والحياة أقوى غرائز الإنسانية وإليها دائما يشد الإنسان الرحال حتى ولو عاش تجربة يأس أطلت به على فكرة الانتحار ومقاطعة الحياة ومظاهرها.

إذن نحن بكل المقاييس بدأنا نكسب تنديدات اجتماعية شعبية ضد الإرهاب بالإضافة إلى تراجع البعد الكاريزماتي لرموز التنظيمات المتطرفة. دون أن ننسى التراكم الكمي للأخطاء التي ارتكبها الإرهابيون والتي حولتهم إلى أعداء، خصوصا عندما بلغ بهم سوء التكتيك إلى تفجير السيارات وإسقاط القتلى في الأشهر الحرم.

ولكن رغم تجمع كل هذه المعطيات، فإن لا شيء يشير إلى نية انتهاز هذه المتغيرات وهذه الفرصة المواتية نفسياً ودينياً للإجهاز نهائياً على غول الإرهاب. ونقصد بذلك أين دور الإعلام في التصدي لهذا القاتل المتنقل والمقنع، خصوصا أن بعض الفضائيات والصحف ساهمت في توسيع القاعدة الشعبية لرموز الإرهاب والدفاع المستتر عن مشاريعهم الآيديولوجية المتطرفة وتبريرها بشكل أكثر تستراً.

بل أين علماء الدين والفقهاء كي يمارسوا وظيفتهم بوصفهم أصحاب جاذبية شعبية؟ أليس تكريس الوقت والعلم والجهد في محاربة الإرهاب بالحجة الدينية الدامغة والمفحمة وبمقولات الإسلام وأحداثه أكثر نفعا للأمة من إهدار الوقت في علك مواضيع هامشية، والتي لا تدل سوى على عمق تخلفنا وفي أي درجة من السبات الحضاري العميق نحن؟

إننا في لحظة جد حرجة وجد مواتية أيضا لقيام حزام إعلامي وفكري ديني وثيق الحبل والعروة ضد الإرهاب الذي فتك بالكثير من الدم ومن الحياة ومن سمعتنا أمام أنفسنا وأمام الآخر.

[email protected]