من قتل روبرت كينيدي ـ دماء كثيرة في القدس (الحلقة الثالثة)

TT

ولد سرحان سرحان في 19 آذار 1944، في القدس، حيث عاشت عائلة أمه، ماري، لأجيال كثيرة، أما والده، بشارة، فكان يعمل في الدائرة الصحية في المدينة التي كانت لا تزال جزءاً من فلسطين.

في مدينة تنقسم سريعاً وتحترق آفاق سرحان سرحان مبعداً من منزله. وفي عام 1957 أبحر مع أمه ووالده إلى نيويورك ومعهم شقيقته عايدة، وشقيقاه عادل ومنير. ومن هناك بالقطار إلى باسادينا، كاليفورنيا. ودخل سرحان الثانوية ثم الكلية، حيث أخذ دروساً في التاريخ العسكري والسلاح إضافة إلى مواد أخرى.

رفض سرحان في البداية الإجابة عن أسئلة المحققين ومحامي الدفاع إلا في غموض أو تهكم. ولذلك اضطر الفريقان إلى البحث عن أي مؤشرات. وقد توقف محامي الدفاع عند كتابين سرقهما سرحان من مكتبة المدرسة وعلَّم بخط يده على بعض الفقرات. الكتاب الأول «تاريخ الشعب الأميركي» وقد علَّم عند الفقرة المتعلقة باغتيال الرئيس ماكنلي. وكتب سرحان بخط يده بعد الفقرة «كثيرون سوف يلحقون به». أما الكتاب الآخر الذي طلبه فكان عن اغتيال أرشيدوق النمسا الذي أشعل الحرب العالمية الأولى.

كان محامو الدفاع على قناعة بأن سرحان لا يمكن أن يتصرف منفرداً. لكن الشهود الذين رأوه في ملعب الرماية أجمعوا على مهارته وسرعته في إطلاق النار. على أن الدفاع أراد أن يشدد على ضعف سرحان في التركيز كي ينقذه من الحكم بالإعدام ويؤمن له إدانة «بجريمة قتل من الدرجة الثانية». غير أن سرحان حيَّر محامي الدفاع أيضاً: «هل خطرت لك مرة فكرة قتل السناتور؟»، جواب: «أبداً، أبداً، أبداً». «ما رأيك في ما فعلت؟». جواب: «لست فخوراً بذلك». «ماذا تعني أنك لست فخوراً. إن لك قضية عادلة، أليس كذلك؟» جواب: «سيدي، ليست لدي معرفة دقيقة بأن هذا ما حدث فعلا... كل شيء كان في عقلي، ولكن عندما تصرف جسدي لا أدري ماذا حدث. لقد كان جسدي أكثر ذكاء من عقلي». و«ماذا فعل جسدك؟». «لقد ضغط على ذلك الزناد». «هل تشعر أن روبرت كينيدي خانك؟». جواب: «أجل. عندما قال إنه يريد أن يرسل 50 قاذفة إلى إسرائيل».

تروي الأم، ماري، أن سرحان كان يغمى عليه كلما رأى جريحا أو قتيلا في معارك القدس. لم يكن يقوى على احتمال أي منظر عنف.