حد أدنى للأجور

TT

تعودنا وعودنا ألا نبحر في نقاشنا مع الدكتور غازي القصيبي وزير العمل السعودي حول «رأس الرجاء الصالح»، فمعه تصدق دائما نظرية الخط المستقيم أقصر طريق بين نقطتين، ولكونه يعرف مكانه ومكانته في دواخلنا فلن نلجأ عند تخوم الكتابة عنه إلى لجم زمام الكلام، فمحترف صهيل مثله يدرك جناية الصمت..

يقول الدكتور غازي القصيبي وزير العمل السعودي في اللقاء الذي جمعه ببعض ممثلي الصحف السعودية قبل أيام: «نرجو ألا يأتي يوم من الأيام لكي نضع حد أدنى تشريعي ـ للأجور ـ لأن الحد الأدنى حينما يأتي بقوة النظام يحسن أوضاع الموجودين، ولكن لا يشجع على توظيف السعوديين».. ولست أدري كيف يمكن أن يؤثر مثل هذا التشريع على عدم توظيف السعوديين إذا كانت وزارة العمل قادرة على تطبيق ضوابط الاستقدام، وأنا على يقين بأن الكثيرين يتوقون إلى هذا اليوم الذي لا يتمنى الوزير قدومه، فحالة الاستغلال لطاقات الشباب بأبخس الأجور من قبل «بعض» القطاع الخاص تستعصي على الفهم.. وإذا كان وزير العمل يدرك ـ بحسب قوله ـ أن هناك رواتب مخجلة، وأن ثمة من يحصل على 800 و1000 ريال كراتب شهري، رغم اجتماعاته ـ أي الوزير ـ المتكررة مع الغرف التجارية، واتفاقاته على «حد أدنى تطوعي» بأن لا يقل راتب أي سعودي عن 1500 ريال، فإن غض الطرف عن هذه الممارسات، وعدم وضع حد لها يزيد من معاناة الناس ويثقل أعباءهم.. ولست هنا بصدد التذكير بفشل وزارة العمل رغم التصريحات في تحديد أجور تليق بمعلمات المدارس الأهلية من حملة الشهادات الجامعية والتربوية، واللاتي يعملن حتى اللحظة بأجور تماثل أجور الخادمات.

وعن أجور العمالة الوافدة يقول الدكتور القصيبي: «لو أفرض حد أدني عليهم، بتصوري أن الاقتصاد ممكن يصاب بصدمة، ولا يمكن أشرع لأناس هم قابلون بالأصل لرواتب معينة».. وهذا القول يتجاوز قراءة الدوافع النفسية لقبول بعض العمالة بما أطلق عليه الدكتور القصيبي «رواتب معينة»، فنسبة من هؤلاء يلجأون إلى التعويض من خلال التسول كما يفعل بعض عمال النظافة، ومنهم من يهربون من كفلائهم ليتحولوا إلى عمالة غير نظامية، وكلنا نعلم جيدا حجم المعاناة من هذه العمالة، ومدى العبء الذي تتحمله الأجهزة الأمنية في مواجهة عصابات التزوير والسرقة وغيرها، والتي يقف خلفها في الغالب أفراد من هذه العمالة التي كانت نظامية ذات يوم.

فهل ثمة ضوء في نهاية النفق تحث وزارة العمل المتضررين على انتظاره؟

[email protected]