الفرص الضائعة بين أوباما وماكين

TT

هناك قاعدة في بعض المباريات تقول: إن لديك فرصتين فقط لتحقيق الفوز. ولكن للأسف، أضاع جون ماكين ثلاث فرص. الأولى كانت رهانه على زيادة القوات، وهي تمريرة يائسة إلى ديفيد بترايوس الذي أخذها إلى جانب الملعب. ثم سعى إلى تغيير في المباراة بعد مؤتمر الحزب الديمقراطي، فرمى ماكين بتمريرة متهورة إلى سارة بالين المنتظرة. فالتقطت الكرة، ولكن أخطاءها التالية أذهبت بريق هذه اللعبة. وعلى الرغم من ذلك، ما زالت ترسخ من قاعدته الجمهورية.

لا يمكن أن نلوم ماكين. في انتخابات تعمل فيها كل الأسس لصالح المعارضة، يشعر أن عليه أن يعتمد على القدر من أجل الإبقاء على الأمل. ولكن ارتجاله الجنوني وضع إطارا عكسيا لمنافسه المبتدئ على أنه رصين وثابت وهادئ.

عندما انخفضت أرقام استطلاعات الرأي حول أوباما عن ماكين بعد انعقاد مؤتمر الحزب الجمهوري، فزع الديمقراطيون وحثوه على الانفعال. ولكنه فعل العكس تماما. فقد أصبح هادئا. وتحول إلى وضع مألوف ليكون المرشح الجاد في المصانع والمقاهي والاتحادات.

وبهذا، استكمل محور حديثه الذكي في المؤتمر الحزبي منذ الانتخابات التمهيدية وحتى الانتخابات العامة. في الانتخابات التمهيدية كان وافدا جديدا وغريبا، واعتمد في تأثيره على الجماهير على مؤثرات خاصة: روعة البيان، والكاريزما الطبيعية، ورحلة سحرية من التفوق والأمل.

نجح هذا الأمر لسببين: يؤمن الديمقراطيون بهذا الهراء، كما أنه كان جديدا. ولكنه الآن يحتاج إلى أكثر من الديمقراطيين، حيث إن الجديد يذبل بمرور الوقت.

لقد فهم أوباما أن مفعول السحر ينتهي، وان الأمل ينزوي. لذا جاء نكران الذات في خطاب قبوله الترشيح في دينفر. وقد كان من الممكن أن يطرب 80.000 شخص بخطابه، ولكنه بدلا من ذلك، جعل من نفسه عاديا، ليذهب إلى جمهور الانتخابات العامة ويظهر بينهم وكأنه واحد منهم.

لقد كانت الاعتيادية هي الفكرة الأساسية في خطابه. فهل كان الأمر يتعلق بروايته لقصة حياته؟ إنه رجل عادي، وهذه القصة الاستهلالية التي انتقلت بلا خجل من مرحلة الدراسة المدرسية في هاواي إلى التنظيم المجتمعي في شيكاغو بدون ذكر كلمة واحدة عن كولومبيا وهارفارد. وماذا عن تعليقه على الهموم الأميركية؟ إنه يلخص جميع أسباب قلق الطبقة الوسطى. وماذا عن قائمة برامجه؟ لقد وضعت كلها لعلاج مشاكل الطبقة الوسطى.

إنه معتدل في السياسة والانفعالات حتى الآن. هدفه الوحيد هو: عبور مدخل ريغان عام 1980. كن مقبولا وهادئا وواثقا.

لقد قال أوليفر ويندل هولمز قوله الشهير عن روزفلت: إنه كان لديه «ذكاء من الدرجة الثانية، وأسلوب تفكير من الدرجة الأولى». وقد أظهر أوباما أنه رجل محدود الخبرة، وله معتقدات مثيرة للتساؤلات، وصداقات مسببة للمتاعب (ارميا رايت، ويليام إيرز، وتوني ريزكو)، وعدم تعريف مزعج لشخصيته، فهل تعرف من هو وبم يؤمن بالفعل؟ ولكنه يتمتع بذكاء من الدرجة الأولى وأسلوب تفكير من الدرجة الأولى. وقد يكون ذلك كافيا ليصبح رئيسا.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ

(خاص بـ«الشرق الأوسط»»