«غوغل» وأفكار بملايين.. ومن يتبنى أفكارنا؟

TT

في الاحتفال بالذكرى العاشرة لتأسيسها (في سبتمبر (أيلول) 1998) أعلنت شركة «غوغل» Google، صاحبة محرك البحث الشهير، أخيراً عن مبادرة لتمويل الأفكار المبدعة باسم «10 مرفوعة للقوة (إس) 100»، بهدف المساعدة في تغيير العالم ومساعدة الكثير من عامة الناس على تمويل أفكارهم الإبداعية التي تستحق التقديرَ وتحويلها الى حقيقة من خلال مشاريع مثمرة. وقالت «غوغل» إن هذه الأفكار يمكن أن تكون كبيرة أو صغيرة، ويمكن أن تكون تكنولوجية، ولكن المهم أن تكون أفكارا خلاقة وذكية لها تأثير وتساعد في تغيير العالم. ويمكن لأصحاب الأفكار المبدعة أن يقدموا أفكارهم بأكثر من 25 لغة (من بينها اللغة العربية) حتى 20 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، في العديد من المجالات من بينها الطاقة، البيئة، الصحة، التربية، المجتمع أو أي شيء آخر. وينبغي على أصحاب تلك الأفكار أن يقدموا نبذة عن أفكارهم والإجابة عن عدد من الأسئلة منها السؤال التالي: إذا تحولت فكرتك الى حقيقة، من سيكون الأكثر استفادة منها، وكيف؟. وسيقوم موظفو

«غوغل» وبمساعدة من مجلس استشاري باختيار 100 فكرة من بين الأفكار التي يتلقونها. وبين 27 يناير (كانون الثاني) و2 فبراير (شباط) المقبلين، سوف يصوت متصفحو الإنترنت وعامة الناس لصالح الأفكار التي يجدون أنها أفضلَ من غيرها، ثم ستقوم لجنة حكام بمراجعة الأفكار العشرين الأولى، ثم الإعلان عن الأفكار الخمسة الفائزة في منتصف شهر فبراير المقبل. وسيتم الإعلان عن تمويل الأفكار الخمس الفائزة بعشرة ملايين دولار في مايو (آيار) المقبل، أي أن كل فكرة ستحظى بمليوني دولار، وإذا تم اختيار فكرتين فقط، فإن كل واحدة منها ستحصل على خمسة ملايين دولار. وللمزيد من التفاصيل وتقديم الأفكار يمكن الدخول على الموقع (www.project10tothe100.com).

هذه الفكرة والمبادرة المبدعة التي أعلنت عنها «غوغل» والسهولة في تقديم الأفكار لعامة الناس على الإنترنت، تثير لدينا العديد من التساؤلات عن البيروقراطية والإجراءات والتعقيدات الروتينية القاتلة والطاردة للأفكار المبدعة في عالمنا، وأيضاً تساؤلات عن مصير الأفكار الكثيرة المبدعة والخلاقة لمواطنينا وأبنائنا التي تستحق كل تقدير وتمويل، ولكنها للأسف قد تكون حبيسة الجدران والمكاتب، لا تجد من يرعاها ويتبناها ويقدم لها التمويل اللازم لتحويلها الى مشاريع مثمرة قد تساهم في تغيير عالمنا.

لقد أصبحت هناك ضرورة ملحة في عالمنا العربي أن يتبنى ويرعى المستثمرون ورجال الأعمال ووسائل الإعلام وبخاصة فضائياتنا المتزايدة أفكار أبنائنا ومواطنينا المبدعة، حتى تتحول لحقيقة ومشاريع مثمرة، مع دعوة وتشجيع أبنائنا ومواطنينا لإعمال الفكر والعقل والمشاركة في صناعة حاضر ومستقبل أمتنا وعالمنا، من خلال إنشاء موقع إلكتروني بعنوان «بنك الأفكار» Ideas Bank ترعاه هيئة علمية ويقوم بالاستثمار فيه القطاع الخاص والمستثمرون ورجال الأعمال، يتم فيه عرض مشاكلنا ودعوة جميع أفراد المجتمع لاقتراح وتقديم الأفكار التي قد تساهم في حل مشاكلنا والمشاركة في تغيير العالم ومن خلاله نقدم للآخرين صورة مشرقة لإمكانات وقدرات أبنائنا ومواطنينا، وبخاصة أن ديننا الإسلامي الحنيف حث وشجع وطالب الأفراد بإعمال الفكر والعقل لإحداث التغيير للأفضل. مع ضرورة الاهتمام بأدب «الخيال العلمي» Science Fiction الذي يطلق عليه «أدب الأفكار» The Literature of Ideas، فعلى سبيل المثال فكرة «أقمار الاتصالات الصناعية التي ساهمت في تغيير العالم، سبق أن تنبأ بها رائد الخيال العلمي البريطاني الشهير السير آرثر سي كلارك Sir Arthur C. Clarke (2008-1917). لذا فهناك ضرورة أن يكون لكل طالب كراسة تسمى «كراسة العالم الصغير»، يسجل فيها كل أفكاره وتخيلاته وتصوراته كبيرة أو صغيرة، وكذلك اهتماماته وملاحظاته وتساؤلاته واستنتاجاته واستكشافاته، مع رعايتها والاهتمام بها ربما يكون لها يوما ما دور في تغيير العالم.

وأخيراً.. أتقدم لفضائياتنا العربية بفكرة برنامج بعنوان «فكرة المليون» على غرار برنامج «شاعر المليون»، من خلاله يمكن للمشاهدين التصويت لصالح الأفكار التي يجدون أنها مهمة لمجتمعنا وعالمنا، على أن يتم فحصها ودراستها من قبل لجنة من الخبراء والمتخصصين واختيار الأفكار المبدعة، ورعايتها وتمويلها من قبل المستثمرين ورجال الأعمال العرب، لعل وعسى تساهم فكرة ما في تغيير واقعنا وعالمنا الى الأفضل.

* كاتبة وباحثة مصرية

في الشؤون العلمية