الحراسات الأمنية الخاصة!

TT

من أكثر الأخبار غرابة خبر نشرته صحيفة «عكاظ» قبل أيام بعنوان «حارسا مستشفى يضربان مواطنا وزوجته الحامل». وتفاصيل الخبر تشير إلى أن مواطنا كان برفقة زوجته الحامل يستقلان المصعد في طريقهما إلى الطبيب المختص للكشف عليها بعد تحويلها من قسم الطوارئ بمستشفى أبو عريش العام، حيث فوجئ المواطن بأحد أفراد الحراسات الأمنية يستوقفهما بعد أن قام بفصل التيار الكهربائي عن المصعد، واستدعاء شقيق يعمل معه، وانهالا ضربا وركلا على المواطن وزوجته، رغم إبلاغهما من قبل الزوج بأن المرأة حامل، وتعاني من مضاعفات الحمل.. وعند قيام إدارة المستشفى بعمل محضر بالواقعة أفاد الحارسان بأن المواطن وزوجته حضرا للزيارة في وقت غير مسموح فيه بزيارة المنومين!!.. ولو افترضنا جدلا صحة ما أفاد به الحارسان، فهل يعني ذلك أن الضرب يمثل عقوبة لكل من يأتي في غير أوقات الزيارة المقررة من قبل المستشفى؟!

هذه الحادثة لعلها تفتح أيضا ملف مستوى «بعض» العاملين في مؤسسات الحراسات الأمنية الخاصة التي تقوم بحراسة المنشآت التجارية والطبية والرياضية وغيرها، فالأجور المتدنية التي تدفعها بعض مؤسسات الحراسات الأمنية الخاصة لا تتيح لها في الغالب سوى توظيف بعض الشباب غير المؤهل تعليميا وثقافيا ونفسيا للتعامل مع شرائح الجمهور المختلفة في الأسواق والمستشفيات والملاعب وغيرها، وفي غياب التدريب المكثف، وتدني المؤهل التعليمي، وعدم الرضا المادي، قد يتحول «بعض» حراس الأمن إلى «فتوات»، فالحراسة الجيدة تتطلب مستويات تعليمية، ودورات تدريبية منهجية، مع ضرورة الاستقرار النفسي والأسري والاجتماعي للحارس، وهذا لا يمكن تحقيقه في ظل الرواتب المتدنية التي يتقاضاها حراس الأمن في القطاع الخاص مقابل طبيعة مسؤولياتهم وحساسيتها.

لقد تطورت مسؤوليات الحراسات الأمنية الخاصة دون أن يتطور مفهومنا لها، إذ ظل البعض ينظر إليها كمجرد امتداد للحارس التقليدي الذي يقف على باب الدار أو المنشأة يتفرس في وجوه الداخلين والخارجين، ويغلب حسن الظن في زمن كانت الحياة تتسم فيه بالبساطة وعدم التعقيد.. اليوم إذا أردنا دورا فاعلا لتلك الحراسات الأمنية الخاصة، فلا بد من الارتقاء بمستويات العاملين فيها راتبا، وتدريبا، ومؤهلا، وكفاءة نفسية وبدنية، وإلا فإن التوتر سيحكم الكثير من علاقة هؤلاء بالآخرين الذين يتعاملون معهم، ويمكن أن ينتج عن هذا التوتر حدوث الذي لا يمكن حدوثه، كأن يلجأ بعض أولئك الحراس في مواجهة موقف ما إلى استدعاء خبراته في اللكم والركل التي اكتسبها في مقارعة الخطوب في الحارة والشارع دون تمييز.. وهذه ليست نظرة تعميمية لكل الحراسات الأمنية الخاصة؛ فثمة شباب نلتقي بهم أحيانا هنا أو هناك يتسمون بقدر كبير من الدماثة واللباقة والفطنة والوعي، ولهؤلاء لا يمكن للفرد إلا أن يقف إعجابا واحتراما.

[email protected]