التبذير في التوفير

TT

هناك سؤال مطروح منذ بدء البحث في علم السياسة وعلم الاقتصاد والعلاقة بينهما. وربما أكثر من أي وقت مضى تطرح المسألة الآن في العالم وعلى مستوى العالم العربي. وأنا من الذين يعتقدون أن ترك القرارات السيادية الكبرى لخبراء المال عمل يضر بالبلدان والعمران. ومهلا، سوف أحاول أن اشرح. أول دليل على ذلك إخفاقات «البنك المركزي» الأميركي وحاكمه الجديد وإقرار حاكمه السابق بما ارتكب من أخطاء.

وفي العالم العربي هناك ما فعله البنك المركزي الكويتي هذا العام. فقد قرر الخروج على إجماع مجلس التعاون ليستبدل التعامل بالدولار بسلة من العملات. والسلة فكرة بدأت في الستينات وأظهرت جدواها مرة وخسارتها مرة. لكن البنك المركزي الكويتي خالف سياسة الدولة، أولا في الإجماع الخليجي، وثانيا بما وصفته الصحف الأميركية بأنه تجاهل لما فعلته واشنطن حيال تحرير الكويت. وذكرت إحداها أن اثنين تخليا عن بيع النفط بالدولار، صدام حسين والبنك المركزي.

عندما كان القرار المالي في يد القيادة السياسية الكويتية كانت الحكمة هي الضمانة. الآن تدفع الكويت ثمنا لخطأ قام على حسابات آنية لا يعمل بها عادة في دنيا الأرقام. فقد كان الدولار متهاويا آنذاك أمام الإسترليني واليورو. ولم تكن تلك المرة الأولى في تاريخه. وكان الإسترليني يساوي دولارين ولم تكن تلك الأولى، أما اليورو فكاد يتجاوز 160 سنتا.

في الآونة الماضية تدحرج الإسترليني من 200 سنت إلى 160 سنتا واليورو إلى 125 سنتا. وبسبب تدهور اليورو خسر «بنك الخليج» الكويتي 700 مليون دولار، فكم هي يا ترى خسائر الدولة الكويتية وكم هي الأعباء المترتبة وكم هو مداها؟

هذا لا يبرر طبعا أن يقدم نائب على استجواب رئيس الوزراء الشيخ ناصر الأحمد، ولا أن يوجه التهم المالية لديوانه. فالوقت الآن وقت الالتفاف حول الأمير لانتشال الكويت من المآزق المالية التي أغرقت فيها مرة أخرى بسبب غياب الرقابة، أو بسبب سياسات مالية لم تستطع قراءة وضع أوروبا المالي خلال سنة أو أقل.