الشعراء في إخوانياتهم

TT

كنت مع رهط من الشباب والتلامذة العراقيين في مقهى دينوس بلندن، عندما وقع نظري في أيام دراسة الرسم، على فتاة حسناء من ويلز. استهوتني بجمالها وتقاطيع وجهها. كانت لها عينان ليستا زرقاوين كعيون الإفرنج، ولا سوداوين كعيون المشرق. كانت عيناها على خضرة فاتحة كخضرة الدولار، يهيم بها المفلس والمثري. لاحظت نظراتي الشرهة نحوها فافترت عن ابتسامة باهتة حالمة، ذكرتني فورا بابتسامة الموناليزة الشهيرة. حييت ابتسامتها بمثلها ثم استأذنت للانضمام إليها حول مائدتها الصغيرة والفقيرة. ناديت النادل ليأتينا بفنجاني قهوة وكعكة كروسان. ثم أعربت لها عن شدة إعجابي بجمالها وهيئتها. انتهزت الفرصة فدعوتها إلى البيت لأرسمها. يظهر أنها تخوفت فاعتذرت وقالت: يمكنك أن ترسمني هنا في المقهى إذا شئت. وعجزت من جانبي في إقناعها بحسن النية وشرف الإسلام والعروبة. نفضت يدي أخيرا من الموضوع. دفعت عنها فاتورة القهوة والكروسان وانصرفت. بعد بضعة أيام تسلمت هذه القصيدة من أحد الحاضرين لم أعد أتذكر اسمه. دونت القصيدة وأهملت تدوين اسم القائل. وقد أرخ فيها الزميل تاريخ الواقعة، إذ قال:

* لفاتنة من البيض الحسان - مــن الــولــش الغــواني

* «هلمي ارسمنك غدا» فقالت - غداة غد، وفي المقهى الفلاني

* فقال: بمرسمي حيث استتمت - زيوت الرسم والورق الثخان

* فقالت لا ومن أعطاك عقلا - وعلمك التحايل في البيان

* أداة الرسم تجعلها سلاحا - لإغراء الكواعب والحسان

وكان يوما من أيام خلت وفاتت.

www.kishtainiat.blogspot.com