عسى أن يصمتوا اليوم

TT

الحقيقة لا يهمني من يفوز في الانتخابات التاريخية الاميركية، لانها قد تغير قليلا لكنها لن تغير كثيرا. انما ما أخشاه في الساعات القليلة المتبقية من الانتخابات أن يسرق «أحدنا» الضوءَ فيعلن تأييد المرشح باراك اوباما، او ان يتوعد المرشح الآخر جون مكين ونصبح طرفا في المشكلة.

أحد كبار مسؤولي حزب الله اتصل به زميل يطلب منه ان يعلق على الانتخابات، ويقول من هو مرشحه المفضل. لحسن الحظ، ان الرجل كان أكثر وعيا فرفض التعليق، تصريح واحد منه ربما كاف لاسقاط اوباما المتهم اصلا بأنه ابن حسين، وكيني الأصل، ومسلم العقيدة سراً، وله عمة افريقية مقيمة اقامة غير شرعية.

قال مسؤول حزب الله إنه لن يتورط في التعبير عن رأيه لأن كلامه قد يستخدم وسيكون خطيراً. بالفعل هو على حق لانها كلمات كافية لتخويف الاميركيين الذين يعتبرون اي إطراء من ايران او حزب الله او «القاعدة» يستوجب الرفض.

إن غاب بن لادن او الظواهري عن حفل الانتخابات ولم يدع احد منهما الى دعم اوباما، او التصويت ضد مكين، فانها المرة الوحيدة التي سنقول لهما شكرا، وسنكون بخير مهما كان الرئيس المنتخب.

ومع أن الكثيرين يظنون ان الرئيس الاميركي يملك الكثير من الصلاحيات، ويمكن ان يغير السياسة الاميركية، وهذا صحيح الى حد كبير، لكنهم لا يفهمون ان الرئيس في نهاية المطاف ابن الحزب، ومرتبط بالمؤسسة السياسية الرسمية. في المكتب البيضاوي الرئيس، مهما كان لونه او دينه، مضطر الى لعب الدور نفسه كقائد اعلى للقوات المسلحة ورئيس الدبلوماسية، وحامي المصالح الوطنية. ولا يغرنكم الصيت فالرئيس جون كينيدي، الذي يشار اليه كزعيم الحقوق المدنية ومع السلام، هو الذي اصدر قرار غزو كوبا الفاشل، وهو الرئيس الوحيد الذي كاد يورط بلاده في حرب مباشرة مع الاتحاد السوفييتي في أزمة الصواريخ النووية. ايضا، هناك الرئيس جيمي كارتر، الذي يجمع المؤرخون على انه اكثر الرؤساء ميلا للسلام، فقد أمر بالهجوم العسكري على ايران بعد احتلال الثوار السفارة الاميركية. اما رونالد ريغان، الرئيس المتهم بالعنتريات وحب الحروب، فانه جرب حظه لفترة قصيرة بإرسال بوارجه الى ساحل لبنان وما لبث ان سحبها سريعا، وتعويضا عن الفضيحة هجم على جزيرة صغيرة مجهولة، اسمها غرينادا، ولاحقا نفذ غارة جوية صغيرة على ليبيا. اما الذين يمتدحون صبر الرئيس بيل كلينتون وبراعته في تجنب الصدام، فينسون أنه شن حربين في عهده؛ واحدة فاشلة في الصومال وأخرى ناجحة في البوسنة. لا يوجد رئيس واحد رفض اتخاذ قرارات مصيرية اقترحها عليه مستشاروه او قادته من العسكر. سيكون اوباما، مثل مكين، عندما تظهر الأزمات وجهها، وهذا بالضبط ما قاله اوباما ردا على ما نسب لنائبه من ان اوباما سيمتحن في اول ستة اشهر من الحكم في مواجهة خطيرة، وهذا صحيح، فهو امر سيحدث لأي رئيس ينتخب.

انتخاب اوباما له ميزة خاصة، ببساطة سيغير العالم، لا الولايات المتحدة، سيغير في علاقات الشعوب، وسيعين على محاربة العنصرية المنتشرة في كل مكان بالأرض. كذلك سيعطي الكثيرين احتراما اكبر للنظام السياسي الاميركي. اما انتخاب مكين فانه أيضا، في تصوري، سيخدم السياسة الاميركية دوليا في ظل اضطراب بالغ الخطورة. فواشنطن في حاجة الى رئيس قوي حتى لا تنهار الاوضاع المعلقة في كثير من المناطق في العالم. وبالتالي، فان اختيار اي من الاثنين سيكون جيدا.

[email protected]