أنت: اختيارك.. فلا شكوى!

TT

أنت تختار نفسك. حياتك. سلوكك. نهايتك. وتستطيع أن تغير اسمك.. وأن تغير جلدك. إنهم يجعلونه أبيض وأحمر. ونرى الزنجيات يضعن الأبيض والأحمر. إنهن يكرهن لونهن. ونرى الشقراوات يجئن إلى بلادنا ليمددن أبدانهن في الشمس ويعدن إلى بلادهن سمراوات برونزيات. وأن تغير جنسك.. وأن تعيش راضياً وأن تعيش ساخطاً وأن تنهي حياتك بيدك..

والذي اختار دراسة الفلسفة اختار معها وبها وفيها ومن أجلها وضدها كل أنواع العذاب: السلوك والوساوس والشعور بالاضطهاد والشعور بالدونية والصوفية وأن تتحول الدنيا أمامه كرة قدم يركلها يمينا وشمالا. وينسى أنه يركل نفسه أيضاً. ثم يشكو ولكن لماذا يشكو؟ إنه اختار أن يكون شاكاً شاكياً باكياً.

الشاعر القديم يقول:

ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له .. إياك إياك أن تبتل بالماء.

وفي الأساطير الإغريقية أن الآلهة حكمت على «تنتالوس» بالعطش إلى الأبد. كان يقف في ماء عذب تحت الشمس والماء يرتفع حتى شفتيه فإذا حاول أن يبل شفتيه انحسر الماء إلى الأبد..

ولأنه بطل أسطوري قادر على تحمل العذاب ويتحدى الآلهة ظل يعاني العطش ولم ييأس من المحاولة فأغاظ الآلهة أيضاً. ولكنه هو الخسران..

وأنا لا بطل ولا أسطورة ولكن كأنني..

وفي الفلسفة الوجودية نوع من الموت اسمه «الموت السكري»، وهو ما يصيب الذباب عندما يسقط على العسل فيظل ملتصقاً به لا يعرف كيف ينقذ أطرافه الضعيفة من لزوجة العسل، ليموت الذباب في أحلى كفن..

وهذا ما يصيب الناس المدمنين الذين اختاروا فأدمنوا.. ولم يعد لهم اختيار فماتوا عطشى أو جوعى..

فلا جزاء لهم أنهم اختاروا الطريق والنهاية والعقوبة!