رسالة من توت

TT

في الحفل الأسطوري الرسمي الذي أقيم في مدينة دالاس بولاية تكساس بمناسبة افتتاح معرض الملك الذهبي «توت عنخ آمون».. حضر المثقفون والسياسيون ورجال الأعمال، إضافة الى الوفد المصري المكون من الكتاب والصحفيين وقنصل مصر العام بمدينة هيوستن. لقد كان بالفعل حفلا يليق بمكانة أحد فراعنة مصر. وقبل افتتاح المعرض بأيام، كانت صور الفرعون الذهبي معلقة في الشوارع، وعلى جوانب الحافلات، وفي المحال الكبيرة، حتى أنهم ابتدعوا طريقة جديدة تجعل المواطن الأمريكي، وهو واقف في الطابور لدفع الفاتورة يشاهد لمدة دقيقة دعاية رائعة عن الملك الذهبي. هذا بالإضافة الى تغطية الصحافة والقنوات التلفزيونية التي بثت أفلاماً عن حضارة مصر وآثارها بصفة يومية.

وحضر حفل افتتاح المعرض أكثر من ألف أمريكي. وعندما طلبت مني الكلمة بدأت القول ممازحاً إنني الوحيد الذي يمكن له أن يتحدث مع الفراعنة، حيث قابلت أخيراً الملك «توت عنخ آمون» وجهاً لوجه عندما قمت بفحص موميائه بالأشعة المقطعية، ومعي فريق علمي مصري لكي نعرف سبب وفاته. وقد طلب مني الملك أن أنقل لكم رسالة، بدأها بالقول إنه يجب على كل شخص يزور معرضي أن يعلم أن معظم ثمن تذكرة الدخول سوف تذهب لترميم الآثار؛ آثار أجدادي وأحفادي، والتي هي ملك للإنسانية كلها. وأن على الجميع أن يعلم أن بلدي مصر هو بلد الأمن والأمان، والحديث عن الإرهاب خدعة وخرافة زرعها ونمَّاها السياسيون، فشعب مصر سيظل دوماً شعبا طيبا ينبذ العنف، ودينه يدعو الى السلام واحترام آدمية الإنسان، فهو أول شعب يوقع معاهدة سلام في التاريخ منذ أكثر من 3000 آلاف عام. وكانت بين الملك «رمسيس الثاني» وملك الحيثيين، وجاء أحد أحفاده وهو السادات بمبادرة سلام قوية بعد أن كسرَ شوكة المعتدي وحطم الأسطورة واختار السلام الذي عليه تحيا الشعوب.. سلام الحق والعدل والقوة أي سلام الـ«ماعت»، الرمز الذي اختاره أجدادي الفراعنة منذ بدء الحضارة ليعبر عن مُثل عليا هي الحق والعدل والنظام. واستكمل الملك حديثه بأن على الحكومة الأمريكية إن كانت بالفعل ترغب في السلام أن تقف الى جانب الحق ومساعدة أصحاب الأرض المشردين ليعم السلامُ ويعود أبناء فلسطين الى موطنهم ليحيوا في سلام ويزرعون ويجنون الزيتون من جديد، والأرض جعلها الله متسعاً للجميع. وأخيراً، فإن إلصاق تهمة الإرهاب والعنف بالعرب والإسلام هو ظلم لشعوب عانت الكثيرَ ولحضارة حملت راية العلم والمعرفة لكل شعوب الأرض، ودفعت الحضارة الإنسانية خطوات الى الأمام، فلا يليق بحكومة أمريكا أن تصمم على الظلم ومعاملة كلِّ من يطأ أراضيها من العرب والمسلمين جميعاً بهذه الطريقة التي تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان التي تنادون بها.

انتهت رسالة الملك الصغير «توت عنخ آمون» وخيَّم صمت جليل على القاعة الكبيرة قبل أن يفيق الحضورُ وتضج القاعة بالتصفيق، والكل عنده الأمل في التغيير الى الأفضل والى العيش في سلام مع الآخرين...

www.guardians.net/hawass

www.guardians.net/hawass