التفكير في الهزات الجيدة

TT

لا تسيطر على أذهاننا هذه الأيام سوى الأفكار المبهجة. لقد أبلت أميركا بلاءً حسناً، وحان الوقت كي تحتفلوا جميعاً أيها الأميركيون.

وحتى لو كنت أدليت بصوتك لصالح جون ماكين، عليك أن تشعر بالسعادة. وعليك أن تشعر بالزهو لأنه منذ أسبوع واحد فقط كان هناك مليارات الأفراد بشتى أنحاء العالم يمقتون بلادنا، والآن تملؤهم الرهبة والانبهار حيال قدرتنا على النهوض والسمو على مخاوفنا التاريخية. واليوم، ستحظى الولايات المتحدة مجدداً برئيس يرغب العالم في الاحتذاء بحذوه.

ثم لاحقاً، إذا ما ساءت الأمور، يمكنك توضيح أنه ليس خطأك.

وفيما يتعلق بالكوارث المحتومة، يؤسفني أن أخبركم أيها الشباب المتحمس أن باراك أوباما سيقترف أخطاء، وأن بلادنا تعاني من الإفلاس. ربما كان ينبغي أن أذكر ذلك في وقت سابق، لكن دعونا نترك كل هذه الأمور لعام 2009. في الحقيقة، عندما يخوض شخص ما أفضل حملة انتخابات رئاسية شهدتها البلاد على الإطلاق، يصبح من حقه التمتع قليلاً بالفترة المحدودة الواقعة بين وصوله لهدفه والعواقب المترتبة على هذا الوصول.

فيما يخص الناخبين، شهدت هذه الانتخابات نسبة إقبال مرتفعة، خاصة من جانب أبناء ولاية فيرجينيا الذين اضطروا للوقوف في الصفوف لمدة وصلت إلى سبع ساعات. من جهته، أعرب أستاذ بجامعة جورج ميسون عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة لم تشهد مثل هذه النسبة المرتفعة من المشاركين في الانتخابات منذ عام 1908. في الواقع، ربما يتضح أنك عزيزي القارئ مفتاح الإجابة على سؤال بالغ الصعوبة وهو: ما العنصر المشترك بين باراك أوباما وويليام هوارد تافت؟».

كما تستحق هيلاري كلينتون التهنئة، ذلك أنها رغم خسارتها، فإنها نجحت في تهيئة البلاد لاستقبال امرأة في منصب الرئيس. أيضاً، ينبغي تهنئة جو بايدن، الذي تمكن من إدارة حملة انتخابية منظمة، رغم تميزه بقدرة استثنائية على إطلاق تصريحات غريبة.

ودعونا نوجه تحية كبيرة إلى جون ماكين، الذي رغم مواجهته لهزيمة وشيكة، تغاضى عن فرص سنحت أمامه لاستغلال التقسيمات العنصرية والدينية داخل البلاد.

في الحقيقة، جاء مستوى إدارة ماكين لحملته الانتخابية بالغ السوء، لكنها انتهت على أية حال. وعلينا أن نمهله الآن فسحة من الوقت كي يرتاح من متاعب هذه الفترة. وتتمثل الأسباب الرئيسية وراء هزيمته في ارتباطه بجورج بوش والحزب الجمهوري بصورة عامة، علاوة على عجزه عن إلقاء خطاب على مستوى رفيع. لقد كان الطريق صعباً أمامه، لكنه تمكن من المضي فيه قدماً حتى أعلن هزيمته بأسلوب رائع مساء الثلاثاء.

أما سارة بالين، فليس هناك تعليقاً إيجابياً يمكننا طرحه بشأنها. وتدور التساؤلات في الأذهان الآن حول ما سيكون عليه الوضع داخل ألاسكا، وهل ستعيد الولاية انتخاب تيد ستيفنز؟ ما الذي يجري تحديداً داخل هذه الولاية؟

على أية حال، دعونا ننسى أمر ألاسكا الآن حتى لا نعكر صفو الحالة المزاجية الجيدة التي نتمتع بها. بدلاً من ذلك، دعونا ننظر إلى نورث كارولينا التي أسقطت إليزابيث دول من منصبها رغم محاولات حملاتها الدعائية إقناع أبناء الولاية بأن خصمها، كاي هاجان، ملحد. وربما تتذكرون فإن ذلك الهدف تم تحقيقه من خلال عرض صورة هاجان، بينما يأتي صوت امرأة يقول: «ليس هناك إله!». لو كانت دول قد فازت، ربما كنا سنشاهد بحلول موعد إجراء الانتخابات المقبلة إعلانات دعائية تقول: «إنني أدعم الزنا!». والآن، لا يسعنا سوى شكر أبناء نورث كارولينا على عدم انتخابهم إياها.

على ما أتذكر، سبق أن وعد السيناتور ليندساي جراهام، الصديق الحميم لماكين، أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية لصديقه بأن ينتحر غرقاً إذا ما أعطت نورث كارولينا أصواتها لأوباما. أعتقد أنني أتحدث باسمنا جميعاً اليوم عندما أقول للسيناتور جراهام أننا نشعر بابتهاج بالغ اليوم وليس من الضروري أن ينفذ ما وعد به.

كما نود توجيه التهاني إلى السيناتور سوزان كولينز لإعادة انتخابها. وربما ينتهي الحال بالكتلة المعتدلة من أعضاء الحزب الجمهوري داخل مجلس الشيوخ بضم امرأة لصفوفهم.

وأخيراً ونيابة عن جيل الخمسينيات، أود أن أسمع تحية لنا الآن قبل أن نُخلي الساحة أمام الشباب. ويبدو أن التاريخ سيذكرنا برئيسين فقط، أحدهما جورج دبليو. بوش، لسوء الحظ.

ورغم أن جيل الخمسينيات لم ينتصر في أي حروب، إلا أنه دفع الأمة بأكملها للتحلي بالجدية حيال فكرة المساواة بين الجميع. والآن، سيترعرع الأطفال الأميركيون وهم لا يرون أن هناك أمراً استثنائياً بشأن ترشح شخص ينتمي لأصول أفريقية أو امرأة لمقعد الرئاسة.

* خدمة «نيويورك تايمز»