التغيير الذي يمكنني الوثوق به

TT

لديّ قدر من الأحلام، قد أبدو مثل ناقد مضجر تتضمن أكثر خيالاته الغريبة تقارير للحزب الجمهوري، ولكن في النهاية، لدي قدر من الأحلام. وفي الوقت الحالي، أحلم بالرئاسة الناجحة التي تحتاجها تلك البلاد. كما أنني أحلم بإدارة يقودها باراك أوباما، وتمتد في ذات الوقت بعيدًا عن القاعدة الديمقراطية المعتادة. وقد كانت هذه الانتخابات تاريخية للناخبين المعتدلين، والناخبين من سكان الضواحي، والقرويين، وحتى الأفراد الذين اتجهوا إلى صناديق الاقتراع لانتخاب الرجل الآخر.

إن الإدارة التي أحلم بها هي التي تتفهم وضع البلاد في الوقت الحالي، كما أن أفراد هذه الإدارة يعلمون ـ حسبما افترض أندرو كوهوت من «بيو ريسيرش سنتر» على موقع «ذا نيوز آوار» الإخباري ـ أن «الطبقة الوسطى أكدت على نفسها في هذه الانتخابات»، كما أنه «لم تكن هناك أي علامة تشير بالتحرك نحو اليسار».

وحسبما أفاد استطلاع للرأي أجرته «نيويورك تايمز»، وشبكة «سي بي إس» الإخبارية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) فإن 17% فقط من الأميركيين يثقون بأن الحكومة تفعل الصواب طوال الوقت أو في معظمه. لذا، يتعين على أعضاء إدارة أوباما التي أحلم بها أن تتفهم أنها لا يمكنها فرض برنامج آيديولوجي لا تقبله الدولة. لقد كان الرؤساء الجدد في عامي 1932 و1964 يفترضون مسبقًا مستوى أساسيا من الثقة بالحكومة. ولكن في هذه الأيام ـ وكما لاحظ بيل غالستون من معهد بروكينز ـ فإن الرئيس ينبغي عليه أن يمضي في عملية بناء الثقة بتأن وخطوة خطوة. إن انتقاد أوباما، الذي أحلم به وهو في البيت الأبيض، سيشبه انتقاد مؤسسة غيتس. فالأشخاص هناك سيتباهون بالبراغماتية وغلبة البيانات عليهم. وسيعملون على اقتناص الأفكار مثل الرأسماليين المغامرين. ولن يكون لديهم أي ثقة في جميع البيروقراطيين الأقوياء الذين يصدرون المراسيم العليا من المركز. وفي المقابل ستعمد تلك الإدارة إلى استخدام لغة الشبكات اللامركزية، والإصلاح من القاعدة إلى أعلى، والابتكار المتزايد.

وستؤكد إدارة أوباما التي أحلم بها على إعادة الديمقراطيين من أعضاء الكونغرس للجان المؤتمر المؤيدة من الحزبين. وسيدعون قادة الحزب الجمهوري إلى البيت الأبيض لعقد اجتماعات حقيقية، ثم يعيدون دعوتهم من جديد، حتى وإن اتجه الأخيرون إلى إطلاق مؤتمرات صحافية على الطريق المؤدي إلى البيت الأبيض.

وسيقومون بأشياء يعارضها المحافظون، لكنهم سيظهرون أيضًا أنهم ليسوا جماعات المصالح الليبرالية الموجودة هذه الأيام. وسيؤكدون أيضًا ضرورة توظيف معايير المحاسبة والمحافظة عليها في قانون «عدم إهمال أي طفل». وسيؤجلون أيضًا القتال المحتدم والمثير للنزاع حول أشياء مثل قانون البطاقة النقابية.

وأهم من كل شيء، أنهم سوف يتخذون الموقف والتصرف السليم المتعلق بالمشاكل التي تواجهها البلاد بدون إحداث بلبلة بين الناخبين لصالح نانسي بيلوسي. وسيتجهون للقيام بذلك من خلال التوضيح للشعب الأميركي أن هناك مرحلتين في تفكيرهم ودراستهم للسياسة الخارجية، المرحلة الأولى تتعلق بالجانب قريب الأجل، والأخرى تتعلق بالجانب بعيد الأجل. وستتكون الاستراتيجية قريبة الأجل من هدفين: تهدئة آلام الركود وتغيير ثقافة واشنطن. وستتمثل الخطوة الأولى للقيام بذلك عن طريق إتمام حزمة المحفزات المؤكد حدوثها.

وعندما يظهر الركود، علامة الانخفاض إلى أدنى نقطة ممكنة استعدادًا للصعود مرة أخرى، فستبدأ الإدارة التي أحلم بها في مباشرة المرحلة الثانية، وهي الاستراتيجية بعيدة الأجل، والتي ستهتم باستعادة الموازنات المالية، وإصلاح المؤسسات الرئيسة.

في هذا الوقت، من الممكن أن يتضخم عجز الموازنة ليصبح 1.5 تريليون دولار في العام. وستقترض الولايات المتحدة أموالاً لا حصر لها من الخارج. إلا أن الإدارة التي أحلم بها ستظهر فهمها الكامل إلى أن علاج ثقافة الدَين ليس بالمزيد من الدَين على المدى البعيد. وحينها ستقف الحكومة إلى جانب هؤلاء القلقين من أن العجز في الموازنات من الممكن أن يؤدي إلى صعود مدمر في معدلات الفائدة.

وستعلن الإدارة التي أحلم بها عن مبادرة إعادة موازنة الميزانية. وفي تلك الأثناء سيتجه جيم كوبر عضو مجلس النواب لاجتثاث البرامج والإنفاقات الضريبية غير المفيدة من الموازنة، ويقول كوبر: «إذا لم تكن لدينا تخفيضات في الإنتاج، كنا سنقول إن الحكومة مثالية. ولا أحد يصدق هذا».

هل كل ما قلته مجرد حلم؟ إنني لا آمل ذلك، وعلى أي حال، رجاء احتفظوا بالهدوء، واتركوني أعيش في لحظة حلمي.

* خدمة «نيويورك تايمز»