بناقص فنان!

TT

بعد الضجة والفضيحة والبهدلة التي سببها الفنان الشاب «............» لابنته وزوجته ظهر و«براءة الأطفال في عينيه» في أحد البرامج التلفزيونية، طالبا أن يغفر له جمهوره هذه السقطة الإنسانية، مقرا بأنه كان يفكر في نفسه فقط حينما ترك ابنته بدون أب طوال تلك الفترة التي أنكر نسبها إليه!

ينطبق على هذا الفنان المثل: «تحلف لي أصدقك أشوف حالك أتعجب»، ولست أدري كيف سيصدقه الجمهور هذه المرة، وكيف ستغفر له ابنته وأمها ما فعله تجاههما، وهذا أثر فأسه على سمعتهما، فهذا الشاب الذي كان يتنكر لأبوته بفظاظة وقسوة وغلظة أمام المحاكم، ووسائل الإعلام يأتي اليوم يطلب الغفران، وكأن شيئا لم يكن.

لقد نسي هذا الشاب أن الفنان مصداقية، وموقف، ونموذج، ومثال، وأنه قد يصعب عليه بعد كل هذه الأكاذيب جمع كل هذا الزجاج المهشم من شخصيته، فلقد عرض موهبته الفنية لأصعب وأحلك وأسوأ المواقف، ولست أدري مدى درجة تسامح الجمهور العربي مع مثل هذه الأكاذيب الموغلة في الإصرار والتعمد والإمعان، وإن كنت أظن أن هذا الفنان أكثر براعة في التمثيل على مسرح الحياة من التمثيل في السينما أو التلفزيون، فلقد مثل لفترة دور الورع الملتزم، ثم البريء والضحية، ثم دور التائب المعترف بذنبه.. وصحيح أن الاعتراف المتأخر بأبوته لابنته أفضل من استمرار النكران الزائف، فإن تشعر الطفلة البريئة بأمان الإقرار بالأبوة أمر في غاية الأهمية النفسية والحياتية لها..

وما كان ليشغلني أمر هذا الفنان من قريب أو بعيد، فليس في كل قصته ما يستحق الكتابة، ولا يغري بصرف بعض الوقت، لولا عيون طفلة بريئة لو علمت ما فعله والدها تجاهها لما تفضلت عليه بالعفو في يوم من الأيام.

هذا الفنان يستحق القسوة ليس محاسبة لماضيه فحسب، بل أيضا لضبط وتوجيه سلوكياته المستقبلية، حتى يدرك مسؤولية دوره كفنان في غرس القيم الفاضلة وتعميقها في نفوس جمهوره والأجيال الشابة التي تشاهده على الشاشة، ويرى فيه بعضهم القدوة والمثال، فالحياة ليست «لعب عيال»، كما ظنها ذلك الفنان الشاب المستهتر المخادع، فمصير طفلة بريئة أهم وأعظم من ماضيه وحاضره ومستقبله الفني.. وبناقص فنان مثله.

[email protected]