الخطأ الصغير.. لا يستمر!

TT

ونحن نمشي في شوارع برلين الجميلة سألت صديقاً قديماً وما هي العادة الأخرى السيئة التي يرتكبها الشبان هذه الأيام؟

ولم يكن في حاجة إلى أن يفكر، فقد كانت الإجابة جاهزة. وانتظر مني أو من أي أحد آخر أن يسأله.. وإذا به يقول: أمامك.. ماذا ترى؟

والتفت لأرى شبابا في غاية الهدوء والرقة. الفتيان مسالمون كل واحد في حاله.. قد أطال شعره ونزع بعض ملابسه. فالدنيا حر.. ولكنه لم ينزع ملابسه كلها.. وإنما احتفظ بالكثير يستره ويجعله محترماً. والفتيات جميلات رشيقات باديات الضعف. وربما كان الضعف سببه الحرص على الجوع. والمثل يقول: «احرص على الجوع يوهب لك الجمال»..

وسألني: هل لاحظت؟

فقلت: نعم إنه لشيء جميل..

وصرخ يستنكر ما أقول أو ما سوف أقول. وقبل أن يلقى بنفسه تحت أحد السيارات، على سبيل الضيق بالأمر الواقع ـ الذي هو أنا ـ سألته: إن كان لا يرى هذا الشباب والجمال في الناس.. والنظافة والنظام في الشوارع والمباني..

ولكنه لم يكن يرى شيئاً من ذلك.. إن الذي وقعت عليه عيناه هو أن الشبان لا يحترمون تعاليم المرور.. والتفت أرى الشبان عند أماكن المرور.. إنهم يقفون ثم يتحركون مع علامات المرور. ولكن يبدو أن واحداً أو ثلاثة لا يفعلون ذلك. هذا صحيح. ولكن إذا أخطأ ثلاثة فإن ألوفا حريصون على الصواب.

ولكن شكواه كيف يفعل ذلك ثلاثة. إن هذا لا يجب. فالذي لا يحترم مصابيح المرور لا يحترم علامات المرور البيضاء ولا علامات الملاعب ولا القواعد، والذي يخطئ علنا وعلى مرأى من الناس، ما الذي يفعله إذا لم يكن هناك ناس.. إن الذي لا يخجله الناس سوف يفعل ما يخجل الإنسانية كلها..

أما أنا فقد حسدت بلاده على الملايين التي تحترم النظام.. ولكنه حزين على بلاده لأن هناك مئات لا يحترمون النظام.. ولكنه لا يستهين بهذه المئات، لأن المائة هي أبو الألف والألف هو أبو المليون.. وكل شيء يبدأ صغيراً ثم يستشري بين الناس.. فالأخطاء الصغيرة إذا تركناها كبرت وتحولت من أخطاء إلى خطايا ـ والله معك حق!