مخيمات لأصحاب القائمة السوداء

TT

إذا قدر لك أن تمتلك عمارة تحوي شققا للإيجار، فإنه كما يلزمك تعيين بواب للعمارة يلزمك أيضا تأمين صحي يغطي نفقات علاج ارتفاع السكر، وضغط الدم، والوساوس القهرية في كل مرة تحاول فيها تحصيل مستحقاتك لدى بعض المستأجرين لتواجه بأساليب من الاحتيال والمماطلة والتسويف، حيث اعتاد هؤلاء الذين يطلق عليهم مصطلح «المستأجرون الرحل» أن ينتقلوا كل عام من وحدة سكنية إلى أخرى بدون أن يدفعوا سوى مقدم العقود الذي لا يتجاوز في الغالب استحقاق نصف العام، أما النصف الثاني من العام فيقضونه في لعبة الفأر والقط، حتى يداهم صاحب العقار اليأس من أن يحصل على أكثر من إخلاء منزله!

ويبدو أن سنوات العسل التي عاشها هؤلاء توشك على الانتهاء، فثمة أخبار تتداولها بعض الجهات هذه الأيام بأن اتجاها لتشكيل قوائم سوداء للمتهربين من سداد الإيجارات ستوزع على المكاتب العقارية تتضمن ملاحظات عن مدى التزام المستأجر بسداد الإيجار والفواتير المستحقة، وبالتالي لا يمكن للفرد أن يستأجر وحدة عقارية ما لم يحضر إخلاء طرف من صاحب الوحدة التي كان يقيم فيها.

وهذه الإجراءات الرادعة لو طبقت فإن على المسؤولين تجهيز مخيمات لأصحاب القائمة السوداء، فهم يشكلون نسبة تضخمت مع مرور الزمن في ظل تراخي وبطء الإجراءات الملزمة التي تتخذ في حقهم، خاصة أن نسبة من المتعثرين في السداد يصنف تعثرهم في إطار التعثر النفسي وليس المادي، حيث يصعب عليهم إيفاء الحقوق لاستمرائهم الاستغلال والتحايل وأكل حقوق الآخرين بالباطل، رغم أن بعض أصحاب الحقوق أرامل وأيتام يستندون في قوت يومهم إلى دخلهم من الإيجار.. وغياب تنظيم صريح ودقيق وحازم يحدد العلاقة بين المالك والمستأجر ينعكس بوضوح على الاستثمار في المجال العقاري، فالكثير من المستثمرين يؤثرون إدارة استثماراتهم بعيدا عن هذا المجال الذي يورث الشعور بالغبن والعجز والحيرة، وقد اضطر بعض الذين يمتلكون وحدات سكنية إلى تركها خالية تصفر فيها الرياح من أن يقطنها النصابون والمحتالون والانتهازيون.

وقبل أن يتبادر إلى ذهن القارئ أنني «لاند لورد»، ومن أصحاب العمارات والأطيان، أود التأكيد أنني من الذين أكرمهم الله بأن لا يكونوا من المؤجرين أو المستأجرين، وهذا يكفي لراحة البال، فـ«الليل داج، والكباش تنتطح، ومن نجا برأسه فقد نجح».

[email protected]