ليس بالفياغرا تكسب حرب أفغانستان

TT

يبرر احد المسؤولين الأميركيين في افغانستان، تغيير اسلوبهم في خلق صداقات مع القيادات القبلية لمحاربة طالبان، من منح الدولارات الى هدايا رمزية، مثل حبوب الفياغرا، بأنها أقل إشكالا وأكثر فائدة لصاحبها.

لكن الوضع في افغانستان أكثر سوءا من العراق، الذي بلغ مرحلة قيل ان طالبان اصبحت تسيطر على أكثر من نصف البلاد، وأغلقت طرق التموين الجنوبية حتى انها حرمت الاميركيين من غداء الكريسماس، بعد ان استولت على شحنات الديك الرومي، وبلغت سطوتها ان وجهت تهديداتها الى اكثر من ألف مدرسة للبنات، بان تمتنع عن تعليم الفتيات لانه حرام، وستقوم بإحراق كل مدرسة تجدها مفتوحة. عمليا عادت طالبان الى الواجهة وصارت شريكا مهما في الحكم، ولن تنفع كثيرا حبوب الفياغرا في استمالة صف زعماء القبائل الذين يقفون عادة مع المنتصر.

اولا هل يمكن ان تكسب الحرب في هذه البلاد الوعرة الفقيرة؟ التاريخ يقول لا، تقريبا كل امبراطوريات العالم على مدى ألفي عام هزمت جيوشها فيها بلا استثناء، فهي أرض صعبة، ثلثاها من الجبال، ولا يوجد فيها شيء من اسباب الحياة الحديثة، واصبحت ارضا للتقاتل بين الدول الكبرى وكذلك بين القوى الاقليمية.

القيادات الاميركية تريد مضاعفة عدد قواتها الى ثلاثين ثم خمسين ألفا. وتريد نقل بعض قدراتها العسكرية من العراق وزيادة نفقاتها الميدانية، ومع هذا لكن يكون النصر في افغانستان سهلا، هذا إذا تحقق أي نصر. ولو استطاعت القوات الدولية المتعددة الجنسيات، التي تحظى، بخلاف العراق، بإشراف أممي، بالفعل السيطرة على أفغانستان فإن السؤال هو إلى متى، أشهرا أم عاما أم عامين فقط، ثم تعاود القبائل المعادية غاراتها على المدن والقرى، كما كان يحدث في التاريخ القديم.

الفارق بين العراق وأفغانستان كبير تماما، بين بلد نسبيا متقدم بمدنه وسكانه وتجربته، أما افغانستان فهي أرض فوضى دائمة استقرت نسبيا في زمن الملكية بعد الحرب العالمية الثانية حتى أفسدها الروس عندما دبروا انقلابهم العسكري وقاموا باحتلالها، بعدها انهارت الدولة الهشة أصلا، ولم تتوقف الحروب فيها منذ ذلك اليوم، أي منذ ثلاثين عاما تقريبا، أما القبائل فتبدل تحالفاتها ومواقفها تحت اعلام مختلفة.

وقد يبدو من الغريب الاهتمام بأفغاستان بين أزمات العالم العديدة، في حين لا يوجد هناك بترول ولا بحار، بل أرض يباب. السبب أن القاعدة ولدت في أفغانستان وتريد العودة لجعلها جمهوريتها، كما نجحت لبرهة من الزمن في اوائل هذا القرن. والقاعدة التي تعيش على اطراف الحدود الباكستانية الافغانية نجحت أولا في الهروب من الملاحقات الدولية المكثفة، ثم نجحت في المراهنة على عودة طالبان. ولا بد هنا من السؤال، أين إيران من هذا كله، خاصة انها تعتبر افغانستان حديقتها الخلفية، وتشترك مع نصف الأفغان في اللغة الفارسية؟ إيران فعليا تنشط منذ سنوات ولم تتوقف، ولا بد أن لها اصبعا او ربما يدا كاملة في ما يحدث.

[email protected]