مقاتلو الروضة

TT

تعقد حكومة اسرائيل اجتماعا يوميا بكافة وزرائها الذين يمثلون سائر التيارات السياسية. ويتحدث الخصوم السياسيون داخل الحكومة وخارجها بكلام واحد وموقف واحد، وخصوصا العتاة الذين يخوضون الانتخابات المقبلة.

وفي أسوأ مأساة ضربت مدينة عربية منذ 1967 لا تزال فلسطين بحكومتين والعالم العربي بصوتين والنحيب العربي وحده بصوت واحد.

كل يوم تتجدد أمام العالم صور مأساة لا شبيه لها إلا في تاريخ الحروب الاسرائيلية: مدارس تقصف بالطائرات وأطفال يموتون بالعشرات وبعد اسبوعين من القصف والعزل والقتل والتشريد تمنح اسرائيل غزة ثلاث ساعات لكي تتدبر أمر دوائها وخبزها ورفع الانقاض والحطام من داخل البيوت، او الانضمام الى القوافل الفازعة.

صحيح ان غزة ليست عاصمة. وليست بيروت. لكنها ثاني مدينة عربية بعد بيروت تتعرض لهذه الوحشية الكاسرة امام اعين العالم اجمع. وحجم العدوان بالطبع اكبر بكثير. لقد اجتاحت بيروت بحثا عن مقاتل تولت إبعاده بموجب اتفاق دولي، لكن ماذا ستفعل اسرائيل بمليون ونصف مليون غزاوي وإلى أين ستبعدهم؟ أليست غزة في حد ذاتها، وفي حياتها اليومية العادية، منفى بشريا ومجمعا للمآسي الانسانية؟ تكرر اسرائيل في غزة ما فعلته في بيروت وما فعلته في جنين وما فعلته في نابلس، فهل كانت تطلب حماس في بيروت وجنين ونابلس ايضا؟

وهل سوف تقضي على حماس الآن، إذ يرى اطفال نابلس رفاقهم في الروضة يقتلون مثل العرائس؟ وجوه طفولية كالدمى ترسل الى الموت بالعشرات كل يوم. هل هذه هي الآلة العسكرية لحماس؟ هل هؤلاء الأطفال هم المقاتلون الذين لا تكف الناطقة باسم جيش «الدفاع» الاسرائيلي عن القول إنها تحمل لائحة باسمائهم، وانهم وحدهم «يموتون»؟

مقابل المشهد الصارخ في غزة هناك هذا الصمت الصارخ في العالم. كلاهما يتكرر منذ 60 عاما على نحو بليد. الدبابات الاسرائيلية تفرغ حمولتها والأسرة الدولية تفرغ تصريحاتها وكليشاتها ودعوة الطرفين، القاتل الجماعي والقتيل الجماعي، الى ضبط النفس.

ما أسخف العجز.