حكمة ربانية

TT

من المعتاد للملحدين والمشككين أن يشيروا إلى كل هذه الاكتشافات العلمية التي تبدو مناقضة للمعجزات والمعتقدات الدينية. ولكن للمؤمنين ردودهم. يأتي في طليعة ذلك خلقة الإنسان. فكل ملليمتر مكعب من جسم الإنسان يحمل في طياته ألوف المعجزات المذهلة التي تجعل العالم يقف حائرا أمامها، عاجزا عن تفسيرها. لا يلبث أن يعترف بأن وجودها بدون مصمم لها ونتيجة لمجرد صدفة عشوائية شيء يصعب على العقل أن يتقبله. كم من ترليون صدفة عشوائية قد حدثت ليظهر الإنسان على الأرض بدون مصمم وعقل مدبر؟

بموازاة الاكتشافات العلمية التي تهدد الإيمان، هناك اكتشافات تعززه. قرأنا قبل بضعة أيام تقريرا علميا نشرته جامعة كيمبرج يفيد بأن الأذكياء يفرزون حوينات منوية أكثر في منيهم مما يفرزه الأغبياء. كثيرا ما يتوقف حمل المرأة على عدد الحوينات المنوية لدى زوجها. وكلما ازدادت نسبة الحوينات تعاظم احتمال وقوع الحمل. ما الذي يعنيه ذلك؟ من الواضح أنه يعني أن الأذكياء أكثر حظا في الإخصاب وتكاثرا من الأغبياء. ورغم أن هذا يبدو شاذا في عالمنا العربي وغير واقع، فإن هؤلاء العلماء الأفاضل أدلوا بأرقامهم ومشاهداتهم.

يفسر هذا الاكتشاف سر تقدم البشرية وتفوقها على بقية الحيوانات. فعبر ملايين السنين ظل أصحاب الذكاء يغنون المجتمع بأطفالهم الأذكياء على حساب الأغبياء، حتى وصلنا إلى مرحلة الإنسان المعاصر الذي حقق كل هذه المنجزات وما يزال.

لو تأملنا في هذا الاكتشاف وهذه الحقيقة العلمية لتحيرنا في أمرها ووقفنا نتساءل في ذهول وعجب؛ كيف يمكن للجنس البشري أن يطور هذه الإمكانية الخطيرة بمجرد الصدفة العشوائية؟ افترض أن الإنسان كان في أول نشأته متخلفا ومحدود الذكاء والقدرات. كيف استطاع مخلوق غبي متخلف أن ينجز مثل هذه الإمكانية لصالح الذكاء وهو على ما كان عليه من غباء؟ غباء يخلق ذكاء! كيف مضى ليحقق في السر والعلانية زيادة الحوينات المنوية في السائل المنوي؟ هذا شيء لا تقبله حتى عقول الأغبياء. إنها معجزة أخرى في رأيي من معجزات خلق الإنسان وما فيه من تصميم حكيم.

هذا اكتشاف يبشر بالخير، نستنتج منه أن الأذكياء سيتفوقون عددا وتكون لهم السيادة، عملا بقوله تعالى «أن الأرض يرثها عبادي الصالحون». على الأقل خارج عالمنا العربي. وهذا رغم معرفتي بأن الأذكياء لم يكونوا دائما من أهل الخير. ويثير الموضوع بعض التساؤلات المحرجة. هل يعني ذلك أن كثيري الأولاد أعظم ذكاء من قليليهم؟ أيعني أن العقيم محدود الذكاء؟

قريبا ما سنسمع عن الخطابة يتبجحون بعريسهم فيقولون، والله ابننا عنده خمسة ملايين حوين في منيه. واسألوا الطبيب إذا ما تصدقون! وبدلا من أن تسأل الفتاة خطيبها عن راتبه وأملاكه وفلوسه، تسأله: «عندك كم مليون حوين في منيك؟»، ونقرأ في إعلانات الانتخابات: «انتخبوا همام ابن ضرغام ـ انتخبوا عشرين مليون حوين».

www.kishtainiat.blogspot.com