هكذا يستخدم العرب الفلسطينيين

TT

عندما أقول إنه ليس كل ما ترونه بريئا، يصعب عليّ أن استرسل في سرد الأدلة، لأن التفاصيل مفجعة وغير قابلة للتصديق، وفوق هذا معيبة جدا. وها نحن نرى الخلاف العربي على عقد القمة العربية يزكم الأنوف، كل يريد القمة، وكل يريد ان يرأس القمة، وكل يريد أن يمسك بالمايكروفون، وكل يريد ان يظهر بمظهر المنقذ، وهذا يفسر باختصار المعارك الدعائية على أعلى المستويات في منطقتنا.

الخلاف العربي العربي هو محور الأزمة من بداياتها وحتى نهايتها المأساوية، التي نراها في مذابح غزة. ولا أريد ان أشير بالاصبع الى المخطئ والمصيب، فالأحداث تتحدث عن نفسها وباتت واضحة للجميع. البدايات في صراع المحورين، فريق يحذر من التورط في حرب مع اسرائيل لأنها تريد معركة تستدرج اليها، ومن اجل الحؤول دون ذلك، وجهت الدعوات للتشاور والبحث في حلول عملية لمنع الكارثة. وفريق كان يعتبر منع الاشتباك، تقييدا للمقاومة وتقزيما لحركة حماس، وتهويلا من ردود الفعل الإسرائيلية، وترى في الحرب فرصة لتعرية الأنظمة العربية الأخرى. بقية الأحداث معروفة منذ ان هجمت اسرائيل بكل قدراتها الهائلة على غزة المعزولة، مستغلة الفراغ الرئاسي الأميركي والانشقاق العربي وحسابات حماس الخاطئة.

وبسبب التشرذم العربي، استمتعت اسرائيل بأيام دم اضافية تدك غزة، وتزعم انها تنتظر ما ينجم عنه الحوار في القاهرة مع الاطراف الفلسطينية المعنية، في حين كان الحوار يطول ويطول حول تفاصيل تافهة، مثل من يمثل من، ومن يشرف على أي معبر، وفي الوقت نفسه كان القتل مستمرا. هذه هي قصة الأيام اللاحقة لقرار مجلس الأمن، الذي سارعت اسرائيل لرفضه، مدركة ان الطرف العربي سيختلف في ما بينه حول القبول بالقرار، بما يعطيها الفرصة لاستكمال عملياتها العسكرية بلا رأفة، ومن ينتظر الرأفة من العدو، اذا كان الأهل انفسهم منشغلين بالتقاتل على النقطة والفاصلة في اجتماعات وجلسات بيزنطية.

لم ينته الخلاف الفسطيني حتى تطور الأمر الى اشتباك بين الدول، كل فريق يريد مؤتمره للقمة العربية. فالكويت لديها قمة عربية مجدولة، وقطر تريد ان تسبقها بقمة أخرى، وهكذا يعيش الفلسطينيون المأساة مكررة، مرة بسبب اسرائيل، ومرة بسبب مهزلة وملهاة القمة وخلافاتها.

وأعود للمقدمة لتأكيد أن ما يحدث امامنا يبدو واضحا: استفراد اسرائيلي بعدوان رهيب على اناس معزولين بقليل من القوة الدفاعية، لكن بقية الصورة لا تقل سوءا. هناك صراعات عربية واقليمية تستخدم الفلسطينيين.

لقد اثبتت حرب غزة ما نعرفه منذ نصف قرن، ان الفلسطينيين يستخدمون في حروب عربية دائما لا ناقة لهم فيها ولا جمل، والذي دفع ويدفع الثمن بالدم والارض، هم الفلسطينيون بكل أسف.

[email protected]